ليس مهمًا الأخذُ والردُ ، والجدالُ غيرُ المثمر ، في ما إذا كان سعر القمح الذي حددته الحكومة مؤخرًا مجزيًا أم لا ، بل المهم أن تعمل كل الجهات المعنية بالعملية الزراعية والتسويقية على أن يكون ذلك السعر مجزيًا ومجديًا للفلاحين ، وينعكس على حياتهم المعيشية وإعالتهم أسرهم ، ويشجعهم على العمل الزراعي والاشتغال بالأرض واستقرارهم فيها.
فمن حق الفلاح أن يجني غلال تعبه وشقائه خيرًا وافرًا ، ومن حقه أن يعوض تكاليف فلاحة الأرض وتجهيزها للزراعة ، وتأمين البذار والسماد ، والمازوت إذا كان يزرع مرويًّا ، ونفقات الحصاد والنقل لمراكز التسويق.
بل ومن حقه أن يربح من رزقه ، لا أن يطلع من الموسم “راس بعب” كما يقال بالمأثور الشعبي المألوف ، وقيمة إنتاجه بالكاد تغطي ما استدانه من المصرف الزراعي ، أو ما اشتراه من مستلزمات الزراعة من السوق السوداء !.
وإذا كان السعر مع المكافأة التشجيعية غير مناسب للفلاح فعلًا ، فينبغي للحكومة جعله مناسبًا ، كي يُقدم على تسليمها إنتاجه من القمح بحماسة شديدة وهمة عالية ، وبرضى تام بدلًا من تسريبه لتجار السوق السوداء ، الذين يعرفون كيف يغرونه ببيع محصوله لهم ، وهو المحتاج لكل ليرة زيادة على 2000 الحكومة.
فالبلد بحاجة إلى كل حبة قمح ، لتأمين الرغيف ، وبالطبع لا يتحقق ذلك إن لم يكن الفلاح مرتاحًا ، وإن لم يكن مقتنعًا أنه نال حقه كاملًا.
وباعتقادنا ، كل أساليب الضغط والإكراه لن تلزمه بتسليم محصوله لمراكز التسويق ، إن لم يحمه مردودُهُ من الجوع والفقر ، وإن لم يوفر له الحياة الكريمة ولو بالحدود الدنيا.
لهذا من الأفضل استلام كل إنتاج الفلاحين من القمح مهما تكن نسبة الإجرام والشوائب فيها ، وأن تتكفل الحكومة بنقل محاصيل الفلاحين من أراضيهم إلى مراكز التسويق بسيارات السورية للحبوب ، وشاحنات المؤسسات الخدمية التي لا يعوق ذلك عملها ، لتوفير الأجور على الفلاحين ، وليصير سعرها مجزيًا لهم.
محمد أحمد خبازي