غزو آخر

للغزو أنواع كثيرة غزو ثقافي وغزو عسكري وغزو صناعي وغزو فضائي وغزو تلوثي وهي اصطلاحات حديثة قديمة وكل غازٍ لا بد أن يؤثر في المغذى، وهذا التأثير يشكل تشويهاً وإضعافاً له ، هذا إذا لم يكن محصناً ومنيعاً وهذا التحصين يتطلب جهداً كبيراً واستثماراً للوقت والاستفادة من كل دقيقة في سبيل العمل المنتج الخلاق، وإن بعض أنواع الغزو قد تكون خارجة عن إرادتنا لكن البعض الآخر قد يكون داخل إرادتنا فمن كان خارج إرادتنا نعالجه ونتصدى له بالتحصين ، تحصين العقل والثقافة والقيم للوقوف في وجه الخروقات الخارجية التي تهب علينا عن طريق وسائل الإعلام والفضائيات والعولمة ، أما من كان داخل إرادتنا فيمكن التغلب عليه بالخطط الطموحة الهادفة وتطوير القوانين وتحديثها ومراقبة تنفيذها والوقوف على مواطن الخطأ فيها،إن الغزو الذي نضعه بأيدينا هو غزو الإسمنت لأراضينا ، حيث إن كل مواطن يقتطع مساحة من الأرض الصالحة للزراعة ويبني عليها بيتاً بطريقة أفقية ومع المدى البعيد تصل إلى حالة مرعبة تمثل غزواً من نوع آخر ،تتقلص فيه مساحة الأراضي الصالحة للزراعة وتتسع مساحة البناء الذي سوف يكون على حساب الأمن الغذائي ،فمثلاً مساحة هولندا لا تزيد عن مساحة سهل الغاب عدد سكانها 15،5 مليون ونصف نسمة ودخلها السنوي 320 مليار دولار أي يزيد الدخل القومي بالنسبة للفرد فيها عشرين مرة عن دخل الفرد في الوطن العربي ، هذه صورة حقيقية عن مساحة من الأرض تعادل مساحة سهل الغاب لأن الفلاح هناك استغل كل شبر من الأرض الزراعية وزيادة الإنتاج الزراعي والحيواني بينما سهل الغاب اليوم إذا ما ترك على حالته ولم يوضع حد للبناء العشوائي الأفقي فيه سيتحول إلى قرى متصلة مع بعضها البعض تفصل بينها طرقات للمواصلات فقط ، هذا هو الغزو الآخر الذي هو من نوع جديد داخل إرادتنا ويمكننا الوقوف في وجهه من خلال الترشيد في عملية البناء على أن يكون عمودياً لا يؤثر على الأراضي الزراعية إننا لا نقصد سهل الغاب فقط وإنما ذكرناه كمثال:
إننا نقصد كل الأراضي التي تحولت إلى كتل اسمنت في ربوع هذا الوطن الجميل قيل عنه قديماً سلة القمح وبلد السمن والعسل .

أحمد ذويب الأحمد 

المزيد...
آخر الأخبار