لن نتحدث هنا عن تضحيات شهدائنا العظماء ، ولا عن بطولاتهم في مواجهة أعتى حرب همجية كونية استهدفت – وتستهدف – وطننا الغالي ، فمهما قلنا وكتبنا بهذا المجال فهو لن يفيهم بعضاً من بعض حقهم علينا كمواطنين لم يستطع الإرهاب النيل منا ولما نزل على قيد الحياة بفضلهم ، وكمسؤولين نمتح من مقدرات البلاد ونركب السيارات الفارهة ونصول ونجول ، وكل ذلك من فضلهم أيضاً .
ومن هذا المنطلق يقتضي الواجب أن نقدم لذويهم وأسرهم كل ما باستطاعتنا تقديمه ، بل لابد من تسخير كل الطاقات والإمكانات لتلبية احتياجاتهم الضرورية.
ومن المؤسف ألاّ تستطيع المكاتب التي أحدثت في مدن المحافظة الرئيسية لرعاية شؤون ذوي الشهداء ، سوى تأمين عقود عمل ربعية لعدد قليل من أبنائهم وفي المشاتل الزراعية أو أمات البساتين ، أو في وحدات إرشادية أو مراكز صحية ، ليعودوا بعد انتهائها إلى فقرهم ، وتلك العقود بالطبع لا تغنيهم عن جوع ولا تعينهم على ظروف الحياة الصعبة.
وحتى نزيل الصورة النمطية التقليدية عن تلك المكاتب من أذهان ذوي الشهداء وأسرهم ، الذين يصفونها بالواجهة فقط ، ينبغي دعمها بكل ما تحتاجه من مستلزمات العمل واستقبال طلبات أسر الشهداء وذويهم على مدار الساعة ، بل يجب تمكين العاملين فيها من الانطلاق لأسر الشهداء وذويهم لا العكس إذا كنا جادين فعلاً بخدمتهم ، كي نخفف عن المقيمين منهم بالأرياف مشاق السفر والأعباء المالية.
وبالتأكيد تنفيذ مشاريع صغيرة مولدة للدخل يستفيدون منها دائماً بمختلف مناطق المحافظة ، أفضل بكثير من عقد عمل لثلاثة أشهر أو لسنة ، وخيرٌ ألف مرة من عمل في مشتل زراعي على سبيل المثال لا الحصر .
باعتقادنا ، مكاتب شؤون ذوي الشهداء والجرحى يمكن أن تؤدي دوراً فاعلاً وحقيقياً ، لا يقتصر على صلة الوصل بينها وبين المحافظة أو مع بعض الوزارات ، إذا ما خصصت بصلاحيات ومهام أكبر ، بإشراف عضو مكتب تنفيذي مختص أو بتسمية مسؤول مباشر من المحافظة يكلف بهذه المهمة النبيلة.
فأسر الشهداء وذووهم يستحقون كل التقدير وكل التفاني بخدمتهم ، وتقديم كل ما يمكِّنهم من سبل العيش الحر الكريم ، الذي يجب على كل الجهات المعنية الحرص عليه وتوفيره لهم ، وذلك من أبسط حقوقهم.
* محمد أحمد خبازي