يشتد الطلب على مياه الشرب في هذه الأيام الحارة ، ورغم حرص مؤسسة المياه على توفيرها للمواطنين من دون أي مشقة أو معاناة وخصوصاً بأشهر التحاريق ، ثمَّة مواطنون كثر يعانون بالحصول على حاجتهم الفعلية من المياه ، ومن الانتظار الطويل أي حتى ساعة متأخرة من الليل كي يتمكنوا من تعبئة خزانات منازلهم ، عندما يكون الدور مخصصاً لحيِّهم .
فالفاقد المائي يطيل انتظارهم ، بل ويحرمهم بأغلب الأوقات من المياه الضرورية للشرب والاستخدامات المنزلية ، فتشتد المعاناة ، وتصبح مياه الصهاريج هي البديل رغم أنها غير محمودة.
ففي الوقت الذي يلوب فيه أولئك المواطنون على قطرة ماء ، ويقضون ليلهم مابين الشفاطات والسطوح لمراقبة تدفق المياه الشحيحة إلى الخزانات ، ترى المياه ذاتها تُهدرُ من خزانات مواطنين آخرين نُزعت فواشاتُها ، لتتدفق المياه من السطوح إلى الشوارع التي تغرق بهذه النعمة المهدورة عمداً ، وتُحرمُ منها أسرٌ كثيرةٌ .
وكما يبدو لم تُجدِ نفعاً كل تحذيرات مؤسسة المياه ووحداتها بالمناطق ، من هذه الظاهرة التي تهدر مياه الشرب عندما يكون المواطنون بأمس الحاجة لها .
فرغم إعلانها غير مرة ، بأنها ستخالف نازعي فواشات خزانات منازلهم وهادري المياه هذا الهدر المقيت والبغيض ، لمَّا تزلْ هذه الظاهرة دائمة الحضور في حياة الناس اليومية ، وكأنها عصيَّةٌ على الحل أو المعالجة بشكل جذري ، لتظل المياه تُهدرُ ، وليظل المواطنون في معاناتهم ، وبشكل خاص سكان الطوابق العليا .
قد يقول قائل : لا تستطيع مؤسسة المياه مراقبة كل حي وكل شارع ، للقضاء على هذه الظاهرة ، فهي لا تملك من الكوادر البشرية ما يجعلها قادرة على مخالفة المخالفين الذين يهدرون ماء شربنا أسوأ أنواع الهدر وبمنتهى الاستهتار .
قد يكون هذا الرأي صحيحاً ، ولكنها تستطيع التنسيق مع لجان الأحياء بمجالس المدن والبلدان ، لضبط المياه المهدورة عبثاً ، ومخالفة المخالفين الذين يرفضون تركيب فواشات لخزاناتهم بعد كل حملات التوعية والتحذير التي ناشدت فيها مؤسسة المياه المواطنين ضرورة الحفاظ على كل قطرة ماء من الهدر ، كونها حاجة ماسة وضرورية للغير .
فلجان الأحياء يمكن أن تشكل فرق دعم لها في هذا المجال ، بغية توفير مياه الشرب للمحرومين منها ، أو للذين يسهرون الليل الطويل للحصول عليها بشق النفس.
* محمد أحمد خبازي