اتجه الإعلام السوري في الآونة الأخيرة باتجاه المواطن ، ومضى رغم إمكاناته المادية المتواضعة ليكون ذا الحضور الأكبر بحياته اليومية ، رغم ما يعترضه من تحديات المنافسة الشديدة مع المؤسسات الإعلامية الكبرى ، بل الإمبراطوريات الإعلامية بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ ، التي تشكل الوعي العام وتدير العقول كيفما ترغب وتهوى ، وتدس سمومها بالدسم وأحياناً كثيرة من غير دسم ، من خلال برامج التتفيه والتسطيح والإسفاف الثقافي والمعرفي الذي يرتدي لبوس الترفيه ، ومن خلال أفلام العنف والإجرام التي تستهوي الفئات العمرية الشابة من دون غيرها من الفئات المجتمعية ، ليسهل عليها اقتيادها واستثمارها أسوأ ما يكون الاستثمار .
وباعتقادنا ، نجح الإعلام السوري بتوجهه للمواطن بعدما وضع نصب عينيه أن يكون إعلام وطن ودولة ، لا إعلام مسؤولين !.
وبالطبع هذا النجاح ليس تاماً وينقصه الكثير من العمل الدؤوب بهذا الاتجاه ليكون فعلاً عين الوطن ولسان المواطن ، و البوصلة التي يهتدي بها المواطن والمسؤول معاً .
ولعل هذا ما أكده وزير الإعلام في حديثه الموضوعي والشفاف للفضائية السورية ، الذي وضع فيه النقاط على الحروف بعرضه لنقاط الضعف والقوة في إعلامنا الوطني ، الذي يعاني مايعانيه من تراكمات ذاتية ، عمرها عقود من الترهل والمحسوبيات والانفصال عن الواقع والابتعاد عن حياة الناس ، ما جعلهم يعرضون عنه إلى الإعلام الخارجي غير النظيف ليتلقوا أخبار الوطن وصور حياتهم التي غالباً ما كان يعرضها لهم مشوَّهةً ويتقبلوها كما هي لبراعته في تأطيرها وبتزييف الواقع!.
والذي يعاني أيضاً من تحديات مصيرية خارجية ، تستهدف وجوده قبل رسالته الإعلامية ، وما التضييق عليه فضائياً والاعتداء على قنواته التلفزيونية ومراسليها سوى النذر اليسير من تلك التحديات ، بل المواجهات التي لا تصمد فيها عادةً كبريات المؤسسات الإعلامية، وقد صمد أمامها إعلامنا الوطني كما صمد وطننا كله في هذه الحرب العالمية الظالمة التي شنت عليه منذ آذار العام 2011 ولم تستطع كسره ولن تستطيع .
وحتى يؤدي إعلامنا الدور الذي أكده وزير الإعلام بحديثه التلفزيوني ، ينبغي له أن يترجم تلك المحددات الجديدة على أرض الواقع ، التي هي توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد ، ليكون خير معبِّرٍ عن حياة المواطن وتطلعات الوطن .
فلا خطوط حمراء بعد اليوم أمامه ، ولا خوف من فاسد ، أو متنفذ متسلط مهما علا شأنه أو انخفض ، ولا أحد على رأسه ريشةٌ ، ولا حصانة لمسؤول كبيراً كان أم صغيراً سوى عمله وتفانيه بخدمة الوطن والمواطن .
وبالطبع يجب أن يترافق ذلك مع توفير كل المستلزمات المادية وغير المادية التي تجعل الإعلاميين السوريين قادرين على أداء تلك المهمة الشاقة خير أداء ، فهم أداة نهوضه وغوصه بحياة الناس ومكافحة فساد الفاسدين ، و الترجمان المحلف لرسالته المجتمعية الوطنية، والبوصلة الموجهة للمواطن .
محمد أحمد خبازي