قد يظن القارئ لأول وهلة عندما يقرٲ هذا العنوان أننا نقصد الأمراض الجسدية التي تصيب الإنسان والمستعصية منها، فيذهب القارئ فكره ٳلى الأمراض المعتادة التي تشفى بالأدوية أو المسكنات أحياناً ، لكن هذا المرض الذي نقصده هو مرض اجتماعي يصعب البراء منه، إنه مرض الانتهازية ، وقد أتى على توصيفه السيد الرئيس بشار الأسد بقوله: (تكون الشوائب والمعوقات كثيرة وتبقى معالجتها ممكنة ولكن الأكثر ضرراً وتشويهاً هي الانتهازية التي تزين المصالح الخاصة تحت عنوان المصالح العامة).
إن هؤلاء الذين يزينون المصالح كثر وخاصة الموجودين في مواقع البطانات أو المستشارين، فمثلاً يرتبط بعضهم بتجار العقارات الذين يهمهم في الدرجة الأولى المضاربة في أسعار العقارات التي تضر بمصالح الناس الذين لا سكن لديهم، يزينون هؤلاء لأصحاب القرارات قيام حي جديد مثلاً لاستيعاب التوسع العمراني، وفي الوقت نفسه يحققون مصالحهم الخاصة تحت عنوان المصالح العامة ،وهناك مثل آخر ينطبق على البناء الشاقولي الذي يوفر الأراضي، ومن ثم الأمن الغذائي، فمن له مصلحة فيه، ومن ليس له مصلحة فيه ؟
المواطن له مصلحة في البناء الشاقولي وخاصة أصحاب الدخل المحدود وهذا ما يتعارض مع (حيتان) البناء الذين يستفيدون من شراء وبيع الأراضي، ومن شراء وبيع الشقق، فالموظف الشريف الذي يحترم شرف المهنة لا يتواطأ مع من هم ضد المصلحة العامة، ولا يزين المصالح الشخصية تحت عنوانين المصالح العامة، وكل شيء يصبح مسموحاً ومشاعاً في غياب الإدارات الناجحة والحزم في معالجة الهدر والانحراف.
فالعمل في المؤسسات التحتية إذا لم تتوافر فيها إدارات قادرة في اتخاذ القرارات الهامة والصلاحيات الكاملة في استئصال الخلل والأمراض في حينه لا بد أن يتغلب ذلك الخلل ويتراكم ويصبح من الصعب التخلص منه على المدى المنظور، ومن السهل جداً أن تتوافر إدارات ناجحة، وإذا كان الأمر يتعلق بمصلحة الوطن، ومن السهل أيضاً أن تتوافر إدارات فاشلة إذا ما وضعت المصالح الشخصية في أولويات العمل، وبالتالي تصبح جزءاً لا يتجزأ من الخلل، فهذان خياران لا ثالث لهما، وإن تحقيق مصلحة الوطن تأتي من خلال إيجاد بيئة اجتماعية نقية صادقة ومحاسبة صارمة…
ٲحمد ذويب الأحمد