إذا كانت الحرب الكونية التي شنت على وطننا الغالي سورية سبباً أساسياً لتراجع حضور النشاطات الأدبية في المراكز الثقافية وفروع اتحاد الكتّاب العرب ومنابر الجمعيات الأهلية ذات الاختصاص ، فليس يعني ذلك أنها السبب الوحيد ، إذ تشترك معها أسباب أخرى ، ربما تكون قد انبثقت عنها .
ونحن لا ننفي الوضع الأمني كسبب للتراجع ، وخاصة في فترة ماقبل الانتصارات التي تمت بفضل جيشنا العربي السوري والقوات الرديفة وتحرير أكثر المدن والبلدات التي كانت محتلة من جماعات إرهابية مسلحة .
أما الآن وقد صارت معظم الأراضي السورية في أمان تام ، فقد سمح ذلك لمرتادي المراكز الثقافية ومنابر الثقافة الأخرى بالحضور ومتابعة هذه النشاطات .
لكن الصورة كانت تنقل لنا غير ذلك ، الحضور مازال في تراجع ، ورؤساء المراكز الثقافية يقولون بصراحة إن السبب الأساسي يعود لإقامة النشاط في فترة الصباح أو الظهر ( أصبوحة أو ظهرية ) والناس في أعمالهم ومشاغلهم ، ماخلا بعض المتقاعدين أو كبار السن .
ولكن هل إقامة النشاط في الفترة المسائية تحسّن من وضع الحضور ؟ وهو يقام مساء في العاصمة والمدن الكبرى وفي منابر متعددة ، وإن تحسّن الوضع فهو ليس الطموح بالتأكيد .
بعض المتابعين ذكر أن الإعلان عن النشاط لا يتم بالشكل المطلوب ، خاصة أن وسائل التواصل لا تكفي لوحدها لكي تكون وسيلة للإعلان والإعلام .. فضلاً عن أن الكثيرين يقولون لك : لم نسمع بالنشاط .
الآخرون ردوا قلة الحضور إلى مجموعة المشاركين التي صارت تفرض نفسها على المنابر وهي دون المستوى المطلوب الذي يشد المتابع باستثناءات قليلة .
فأنت تسمع بمحاضر غير اختصاصي يحاضر في مسائل لا علاقة له بها، أو بشعراء أو قاصين لا يجيدون حتى القراءة السليمة للنصوص التي كتبوها ، مع احترامنا لكل المبدعين الذين احترموا المنبر والجمهور الذي أتى ليسمعهم ، والكل يعلم أن الكثير من المبدعين الكبار اعتكفوا في بيوتهم وأحجموا عن مشاركات لا تناسبهم .
وصرح متابع آخر أن ضعف التعويضات الممنوحة للنشاط عامل أساسي يعيق دعوة أدباء من خارج منطقة النشاط ، وهي حالة يجب الوقوف عندها فعلاً ، فكيف يتكبد الأديب عناء السفر وينفق أضعاف ما يدفع له من مبالغ صارت هزيلة فعلاً ؟
كل تلك الأسباب تجتمع لتكون أسباباً لتراجع الحضور في صالات الثقافة ، صباحاً وظهراً ومساءً .
فماذا عن المرحلة القادمة ؟ وماذا نفعل في خطة عمل تعيد المهتمين إلى حضور هذه النشاطات ؟
عندما نعرف الوجع ، يصير العلاج سهلاً ، وليست المسكّنات وسيلة معالجة ، فهي تخفف الألم لبعض الوقت ، ولكنه ما يلبث أن يعود .
بأيدينا الدواء ، وحل مشكلة الثقافة في إطارها العام السبيل الأهم كي نعود لنرتاد هذه المراكز بوقت مبكر خشية ألا نحصل على مقعد .. ولم يكن هذا ببعيد في مهرجانات الأدب ، قبل بضع سنين ليس إلا .
محمد عزوز