أمر طبيعي إذا غاب صديق عن صديقه، أو حبيب عن حبيبته، أن يستقبله بقبلة ،أو بمصافحة وبشوق وهذه عادة موجودة لدى الشعوب كافة، إنها تعبر عن الاحترام وحرارة اللقاء. وهناك بعض الشعوب تستخدم القبل (البوس) بشكل موسمي أيام الأعياد والمناسبات، ويمكن أن تكون يومية أو شهرية أو سنوية، لكنها تشتد حرارتها في مواسم الانتخابات لأن الحب ينام لعدة سنوات ويعود ليستيقظ من جديد، فتنتشر الأمراض وخاصة الزكام (الكريب الرشح) بين الجميع فتستفيد الصيدليات، وتزداد الولائم والدبلوماسيات والكلام الحلو والوعود المعسولة، فالسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: لماذا لا يكون الحب دائماً متواصلاً لايخضع لمواسم طارئة؟
هذا سؤال وجيه يحتاج إلى جواب وافٍ وصريح، الجواب: من المفروض عندما يتوافر الوعي عند الجميع أن يكون الاحترام دائماً ومستمراً والتعاون حاضراً، لكن قاتل الله الجهل والاستغباء والشطارة التي يحسبها بعضهم أنها هي التي تحقق لهم المستقبل وترفعهم إلى المواقع والمناصب التي يرغبون، فلو أجري تقويم أداء كل من تسلّم موقعاً وحوسب على هذا الأساس، إما مكافأة، أو عقاباً، لخفض حرارة القبل، وعرف كل واحد حدود إمكاناته وتصرف على هذا الأساس، عندها لايمكن أن يحل الجاهل مكان العالم، ولا الغبي مكان الذكي، ولا المقصر مكان المنتج، فيتهيب الموقع كل من لا يجد في نفسه الكفاءة ويترك لغيره من يستحق ذلك، فالشريف وصاحب الكفاءة والقادر على الإنتاج، وتحمل المسؤولية، لا يحتاج إلى دعاية لأن الوسط الذي يعمل به يعرفه جيداً، هذا إذا كان هذا الوسط نقياً لا يبيع ضميره ولا يؤجر وجدانه، لكن من به خلل هو الذي يسعى بكل إمكاناته المادية والمعنوية لكسب أنصار له، وهو الذي يرفع من حرارة البوس، فهذا الشطر من المعادلة يمكن الانتهاء منه فقط عندما نجعل الموقع صعباً بمهامه التي تتطلب وعياً علمياً وثقافة واسعة، عندها لا يجرؤ إلا من توافرت فيه هذه السمات التنافس من أجل الوصول إلى هذا الموقع أو ذاك….
أحمد ذويب الأحمد