أوراق مبعثرة !!.

الورقة الأولى : كأن الهوة تتسع ، بین المرء ومن حوله ، حین یتقدم به العمر ..
فهو .. وعلى الرغم من مرور الأيام ، مازال متمسكاً بعقلیته التي اعتاد علیها ، بینما الآخرون ، من أهل وأبناء وأصدقاء ،مصرون على الوقوف في وجه هذه العقلیة ..
مصرون على معاندته ، ومغالطته ، ومخالفته ، بل مصادرة تفكیره وأغلب مواقفه !!
وينسون أن الحیاة خبرة وتجربة وممارسة ، وأن الكبیر في العمر كنز ثمین ، وأن المتقدم في السن ثروة لا تقدر ، وأن آراءه وأفكاره ووجهات نظره ، ینبغي أن تكون محط احترام ، وموقع تقدير ، أما نتائج استشارته ، فهي أولى من غیرها بعضّ النواجذ ..
الورقة الثانیة : وجوه مألوفة ، سبق أن رأيتها ، أو اجتمعت معها، ولكنني لاأذكر متى وأين وفي أية مناسبة ؟؟!!!.. المشكلة أن أصحابها یقبلون عليّ بلهفة ، ویصافحونني بمودة ، ويعانقونني بحرارة ، ويطمئنون على أموري وأحوالي بكل صدق ومحبة ….
وأنا مضطر إلى مجاملتهم ، وعدم إخجالهم ، ومبادلة حبهم بحب، وعاطفتهم بعاطفة مماثلة ، في الوقت الذي أشعر فیه بحرج شدید ، وأحاول أن أعصر ذاكرتي ، أعصرها عصراً، لعلها تعطیني ضوءاً ولو خافتاً، ینیر جوانب النسیان الذي ینتابني، أو یبدد ظلمات الغموض التي تسیطر على ذاكرتي .. ذاكرة یعلوها الصدأ !!!!.
ترى … هل هذه بداية الزهايمر ، أم مرحلة أولى من مراحل التقدم في العمر؟؟!!!…
الورقة الثالثة : لم أجد في حیاتي مراعاة للمزاجیة ، كما تراعى مزاجیة سائقي سنافیر النقل الداخلي في حماة ..
فهم یتقاضون الأجرة التي یفرضون ..
وهم لايجدون حرجاً في توجیه الإهانة ، إلى أي راكب أو أي زبون ..
وهم یتوقفون عن العمل وخدمة المواطنین حین یملون أو ینزعجون..
وهم لا یتابعون السیر ، بل محاولة الوصول إلى نهاية الخط، طبعاً حین یشاؤون ..
وهم یكسرون الدورة ، حین یرون نقصاً في عدد الركاب ، الذين إلى سنافیرهم یلجؤون ..
وهم في مناطق معروفة في المدينة ، تراهم عند المغرب ، أو حین یرخي الظلام سدوه ، إلى التوقف وإلى الراحة یخلدون ..
وهم دائماً یشكون و یبكون ، من سوء الحال ، ومن آثاره یعانون!!!.
الورقة الرابعة : قبل فترة من الزمان ، قبضت مبلغاً من المال قدره ثلاثة وثلاثون ألفاً وبضعة كسور من اللیرات السورية .. هي رواتب ثلاثة شهور متتابعة ، مقابل تدريسي وإشرافي على الجوانب العملیة ، في كلیة طب الأسنان التابعة لجامعة حماة.
في الیوم التالي ، دفعت منه اثني عشر ألفاً وخمسمئة لیرة رسماً سنوياً لسیارتي ، ثم ابتعت من السوق بعض الحاجات الضرورية والمواد الأساسیة ، وكذلك غطیت مالیاً بعض متطلبات البیت والأولاد..
هل تعلمون كم بقي من المبلغ ، بعد ثلاثة أو أربعة أیام ؟؟.
لن أعطیكم الجواب ، ولكنني أترك لخیالكم الخصب مهمة البحث عنه !..

د. موفق أبو طوق

المزيد...
آخر الأخبار