إن مسلسل حرائق الحراج وخاصة التي حدثت منذ أيام في نبع الطيب بالغاب أو حيالين ودير ماما واللقبة والحريف والقريات في مصياف والتهام مئات الدونمات أثارت قلق واستياء المواطنين في المحافظة ومن يعرف قيمتها كثروة وطنية .
إن إنشاء هذه الحراج استغرق عشرات السنين وتعب الآلاف من المواطنين من كل المحافظات، التي تمت من خلال معسكرات شبابية بالإضافة إلى مبالغ كبيرة صرفت تحت بند الاحتفال بعيد الشجرة ، ومن غير المقبول أن تتحول إلى رماد في أيام ، وأحياناً بساعات قليلة .
وهذا يجعلها مهددة بالزوال بسبب الحرائق والتعديات عليها ، وتحول قسم منها إلى أراضٍ جرداء أو كسرها وزراعتها بالأشجار المثمرة ، أو إقامة فيلات ومحاضر بناء خمس نجوم عليها من قبل متنفذين في ظل العجز أو التقاعس عن إزالة مخالفة منها ، أو مصادرة هذه الأبنية رغم أن القانون رقم 6 لعام 2018 أكد في المادة 45 منه أنه في حال غصب جزء أو مساحة من أراضي حراج الدولة ، أو وضع اليد عليها بغير حق ومع عدم الإخلال بالملاحقة الجزائية تنزع يد المخالف بقرار من الوزير تنفذه الضابطة الحراجية فوراً ، وعلى السلطات الإدارية تقديم المؤازرة اللازمة عند الطلب.
وللوزارة بعد صدور قرار نزع اليد أن تقلع الغراس والأشجار وتزيل الأبنية وتعيد تحريج الأرض على نفقة الغاصب أو واضع اليد أو مصادرة الأبنية لصالح الخزينة العامة للدولة ولا يحق للغارس أو الباني المطالبة بأي تعويض ، وتحدد النفقة بقرار من الوزير وتحصل وفق قانون جباية الأموال العامة .
وبدلاً من أن يتم تطبيق القانون وإزالتها أو مصادرتها تم تخديمها أيضاً بشكل مخالف لنفس القانون بالماء والكهرباء والهاتف والصرف الصحي والطرق ما شجع على زيادة أعداد المخالفات حيث تجاوز عددها 70 مخالفة لا تزال قائمة حتى الآن .
وما يثير الشكوك هو تزامنها وتكرارها وامتدادها رغم أن هناك عدداً كبيراً من الموظفين لمراقبة الحراج في فصل الصيف ومن المفروض أن يكون هناك خبرة تراكمية في الحد من عدد الحرائق وسرعة السيطرة عليها.
أخيراً : إن الاستمرار بنفس طريقة تعاطي مديرية الحراج والجهات المعنية مع الحرائق والتعديات عليها لن يكون فعالاً ، ولابد من الاعتماد على نشر أجهزة إنذار وتصوير بدلاً من الاعتماد على كادر بشري ضخم ، وكذلك فتح طرق حراجية للوصول إلى أماكن الحريق المحتملة، وإغلاقها أمام المواطنين حتى لا تتحول لخدمة المعتدين على الغابات ، وكذلك فإن الاعتماد على طوافة لإطفاء الحرائق أوفر وأسرع من الوسائل التقليدية وخاصة بالأماكن التي لا يمكن الوصول إليها ، كما أن تطبيق قانون الحراج على المعتدين والمتسببين ومعاقبة المقصرين كفيل بالحد من خسارة ثروتنا الحراجية .
* عبد اللطيف يونس