من طبيعة الإنسان حب المال والشهوات وتحقيق المصالح وهذه دوافع موجودة عند بعض الناس لكن هذه الدوافع يمكن توجيهها عن طريق التربية إلى وجهات أخرى فيها فائدة للمجتمع، عندما يؤمن الإنسان بأن المصلحة العامة فوق أية مصلحة أخرى وفي الحياة لا توجد صفات مطلقة أو ممارسة لعمل مطلق، فالأمور نسبية في سلم الاهتمامات وخاصة إذا كان المناخ يغري أصحاب النفوس الضعيفة التي لا تخضع إلى معايير اجتماعية أو أخلاقية، كما أن هناك دوافع سلبية وتأتي تحت مقولة النفس أمارة بالسوء وهناك أيضاً دوافع إيجابية مثل التسامح والمحبة والإخاء التي لا يخسر الإنسان شيئاً إذا ماحققها واقتدى بها، بالعكس يبرهن الإنسان في هذه الحالة على إنسانيته وعلى أنه خلق في أحسن تقويم وفضله الله تعالى على سائر الكائنات الحية لتمييزه بالعقل الذي يعد مصدراً لكل الاختراعات ومعطيات العلم في العصر الحديث.
لقد أكدت جميع القيم الأخلاقية والقوانين الوضعية على التسامح بين بني البشر لتوطيد أواصر المحبة، فالإنسان السوي العاقل المثقف لا تؤثر فيه الأمراض الاجتماعية إذ إن النخوة القبلية والعشائرية والطائفية والإقليمية لا تصدر إلا عن عقول متخلفة أفقها ضيق لم ترتقِ إلى مستوى الوطن ولو كان هناك دواء في الصيدليات يكتب عن طريق أطباء مختصين لمكافحة التخلف لدفعنا ثمن هذا الدواء وقدمناه مجاناً إلى هذا المريض الاجتماعي أو ذاك لنتخلص من هذا المرض الخبيث الذي إذا ما استحكم بإنسانٍ يحوله إلى شخص لا يستفيد الوطن منه شيئاً، فالتسامح من سمات الرجال الذين يتسمون بالرجولة والإباء والإيثار في أفعالهم والمحبة في معاملتهم والبطولة في مواقفهم والفعل في أقوالهم، وهذا ليس صعباً إلا على أشباه الرجال الذين يعتقدون أن الحياة أكل وشرب كالأنعام بل أكثر…
أحمد ذويب الأحمد