أعادت الحكومة منطقة الغاب لدائرة الضوء مؤخراً ، بعد أن غاب ألقها خلال السنوات الماضية ، لتراجع الزراعة فيها والنشاطات الاقتصادية والاجتماعية تراجعاً كبيراً، ساهمت سنوات الحرب العجاف الطويلة بحدته وتأثير منعكساته على حياة الناس بهذه المنطقة الخيِّرة المعطاء ، وبشكل خاص على حياة المشتغلين بالشأن الزراعي الذين تضرروا كثيراً من تأثر الزراعة بالحرب.
ففي الأسبوع الماضي أولت الحكومة اهتماماً كبيراً لمنطقة الغاب التي تعد سلة سورية الغذائية ، لما تختزنه من موارد مادية وبشرية ومحاصيل زراعية ، يمكن أن تحقق تنمية شاملة ومستديمة للمنطقة وأهلها ، والأمن الغذائي إذا ما استثمرت الاستثمار الأمثل وبما ينعكس على الناتج الإجمالي الوطني ، ولكن بعد توفير كل المستلزمات والشروط الكفيلة بتطبيق رؤى الحكومة وبرنامجها المتكامل الذي هو في طور الإعداد والدراسة .
حيث التقى وزير الزراعة فعالياتها الرسمية والشعبية بالمركز الثقافي بمدينة السقيلبية يوم الأربعاء الماضي 31 /7 واستمع لطلبات الأهالي وأفكار الفعاليات ورؤاها التي تركزت حول دعم الفلاحين وتوفير مستلزمات العملية الزراعية لهم من دون منغصات أو معوقات ، وإيجاد مصادر للري بالصيف ، وإعادة تأهيل شبكات الري وإيجاد بدائل لبعض الزراعات وأسواق لتصريف المنتجات الزراعية والحيوانية وتنفيذ مشاريع تنموية تنهض بالمنطقة ، التي تزخر بمنتجات زراعية وحيوانية كثيرة ولكن منتجوها يعانون من انعدام التصريف .
وأوضح وزير الزراعة للحضور أن هذا الاجتماع هو انطلاقة أولى لمشروع التنمية وأن كل الرؤى والأفكار التي طرحت تفيد بوضع الدراسات اللازمة للمرحلة القادمة.
وأنه خلال فترة قريبة سيتم تشكيل لجان فنية متخصصة تعمل على بناء قاعدة بيانات وتحليل الوضع الراهن لمنطقة الغاب ، ومن خلال هذه البيانات سيتم تقديم مصفوفة تشمل كل المحاور والجوانب الاقتصادية (الزراعية والصناعية والسكانية والسياحية والخدمية) إلى مجلس الوزراء تتضمن برامج مادية وزمنية واعتمادات لتنفيذها بهدف تطوير المنطقة زراعياً وخدماتياً .
ويأتي هذا الاهتمام في سياق المعطيات غير السارة التي لمسها رئيس الحكومة خلال تفقده موسم تسويق القمح بالمنطقة ، ولقائه عدداً من الفلاحين الذين عرضوا له مشكلاتهم المزمنة ومعاناتهم الشديدة جراء الإهمال الحكومي.
فما كان منه إلاّ أن وجه بإعداد برنامج متكامل لتطوير وتنمية الغاب تنمية شاملة ، ولهذا الغرض شكلت لجنة برئاسة وزير الزراعة وعضوية معاوني وزيري الإدارة المحلية والموارد المائية ومدير التخطيط بوزارة الزراعة ورئيسة هيئة التخطيط الإقليمي والدولي والأمانة السورية للتنمية ومستشار وزير الزراعة والمدير العام للهيئة العامة لتطوير الغاب ، مهمتها إعداد دراسة كاملة ووضع برنامج شامل لتطوير الغاب ، وعقد اجتماع بتاريخ 24 الشهر الماضي برئاسة وزير الزراعة بدمشق للجان الرئيسية والفنية للتداول في كيفية النهوض بمنطقة الغاب وبالخطوط العريضة لذلك، وتحقيق التنمية فيها ضمن برنامج زمني حتى نهاية العام والخروج بدراسة متكاملة قابلة للتنفيذ في ظل الظروف الراهنة والإمكانات المتاحة ، وذلك بالتنسيق مع الأهالي والفعاليات المحلية لتحديد الأولويات بالنسبة للسكان المحليين.
ونتمنى نحن كصحافة تتحسس نبض الناس، أن تترجم الحكومة اهتمامها المتجدد بالمنطقة بإجراءات عملية تعالج أسباب ونتائج تدهور الزراعة بالغاب ومنعكساتها على منتجي المحاصيل الاستراتيجية ، وخصوصاً القمح والشوندر السكري وضرورة معالجة موضوع القرى النموذجية العشر التي مضى عليها أكثر من ثلاثة عقود ولم تحل ، والسدات المائية ونفوق الثروة الحيوانية ومشكلات الفقر والبطالة وشبه انعدام الخدمات العامة .
فهذه المنطقة بحاجة ماسة للتنمية لا لوعود معسولة أو زيارات رسمية مكوكية أو تصريحات إعلامية.
* محمد أحمد خبازي