عندما نتطرق إلى النجاحات والإخفاقات في المجتمعات ونقول: هذا مجتمع يتعثر في ميدان التطور والتقدم ،وذاك مجتمع يسارع في التطور، لا بد أن نتلمس الأسباب الموضوعية التي أسهمت في هذه المسائل إن كانت تقصيراً أو نجاحاً ،وعندها نصل إلى قناعة راسخة بأن النجاحات لها أجندة تسهم في تحقيقها، وكذلك الإخفاقات لها أداتها التي تعرقل مسيرة كل تقدم ،ومن خلال هذه المعادلة ندرك أهمية اختيار الأجندة المناسبة ضمن معايير خاصة توضع من أجل هذه الغاية تحت عنوان (حسن الاختيار)، هذا إذا أردنا البناء، لأن من يختار من أجل الإسهام في بناء الوطن بعيداً عن العلاقات غير الموضوعية والانطلاق من الحرص والغيرة الوطنية ،غير من ينطلق من المصلحة الخاصة التي لا تمتّ إلى مصلحة الوطن بصلة، فالغيرة تنطلق من الشعور بالمسؤولية ومن حب الوطن والارتقاء بالوعي إلى درجة تمكن المسؤول من التفاني في سبيل رفعة الوطن وتقدمه، أما من يأتي من خارج حسن الاختيار لايهتم إلا بتحقيق ما يعود عليه بالفائدة على حساب مصالح الناس وقضاياهم الملحة، لأن تحقيق مصالح المواطنين المشروعة هو المعيار الحقيقي لكل خطوة في طريق الإصلاح
من خلال هذا المنظور يتعود الناس على التلاؤم مع القوانين والأنظمة المرعية ويدركون مايحقق المصلحة العامة والابتعاد عن كل ما يحقق المصلحة الخاصة فتسود العدالة بين الجميع من حيث الحقوق والواجبات، فتتعزز ثقافة التعاون والإخاء من خلال ترسيخ مفهوم المواطنة والمسؤولية، ويبقى هذا الكلام نظرياً أو بمثابة الوعظ إذا لم يتحول إلى واقع ملموس يشعر به الجميع ،فالذين لهم مصلحة في تحويله إلى ممارسة هم الصادقون في انتمائهم للوطن ،والأمناء على الثقة التي منحت لهم في تحمل المسؤولية والاعتزاز بها، معتبرين الموقع تكليفاً وليس تشريفاً.
وإن خدمة الناس لها وقع خاص في نفوس من تعودوا على التفاعل مع المجتمع والتعرف على معاناة أبنائه حيث لا حواجز ولا أبواب موصدة بينهم وبين الناس ،ومن يتحصن بالناس تبقى أفعاله خالدة في ضميرهم ووجدانهم على الدوام، لأن ألسنة الناس أقلام الحق.
أحمد ذويب الأحمد