في ظروف مماثلة لما نمر به من حصار اقتصادي خارجي جائر طرح شعار /الاعتماد على الذات / كحل أساسي لمواجهة تأمين متطلبات زيادة الإنتاج من تقنية ومادية وبشرية بالإضافة إلى تأمين الحاجات الأساسية للمواطنين بأسعار مقبولة ومواصفات جيدة0
إن قراءة بتلك التجربة تؤكد أنها أثبتت نجاحها آنذاك حيث لجأ مهندسينا وفنيينا وعمالنا بالاعتماد على المواد المحلية وخبراتهم ومحبتهم لبلدهم إلى إصلاح وتأمين وتصنيع قطع بديلة للآلات بالاعتماد على المواد الموجودة محلياً ، وبدأت الحكومة حينها بتشجيع زراعة القمح والشوندر السكري كسلع غذائية ضرورية للمواطن لزيادة التصنيع المحلي والاستغناء عن المستورد واستطاعت سورية أن تكون البلد العربي السباق بالتحول من الحاجة إلى الكفاية والفائض بالقمح وتأمين الجزء الأكبر من احتياجاتنا من السكر وغيرها من الزراعات ، والتي أصبحت فيما بعد صروحاً اقتصادية ومصدراً مهما للإنتاج والدخل الوطني 0
وقد ترافق ذلك مع عقوبات صارمة لكل من يستغل ويرفع سعر ويحتكر أية مادة أو يتاجر بقوت الشعب وتوزيع السلع المدعومة بقوائم اسمية ورقابة فاعلة ما ضمن وصول الدعم إلى مستحقيه ، وساهم في التخفيف من الحصار الاقتصادي الخارجي الظالم وتوفير احتياجات المواطنين بأقل الأسعار وبمواصفات جيدة .. صحيح أن المواطن كان يقف في طوابير طويلة ينتظر ساعات على منافذ شركة التجزئة آنذاك لكنه بالنهاية كان يحصل على حاجته بأسعار مناسبة0
أخيراً : يمكن الاستفادة من التجربة السابقة في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي نعيشها حالياً لأن حالة التقشف وحدها لا تكفي ، ولابد من تشجيع أصحاب المبادرات والمخترعين وزيادة الإنتاج وتشجيع أكبر للزراعات الاستراتيجية وحتى الموسمية والاتجاه للتصنيع المحلي ومن غير المعقول مثلاً أن يبقى عدد كبير من المواطنين بلا ماء ولاكهرباء بسبب عدم وجود عدادات ونحن نستطيع تصنيعها محلياً وبالقطاع العام ، كما كان ذلك سابقاً وكذلك لا يمكن أن نستورد إطارات بمليارات الليرات وعندنا معمل إطارات متوقف يمكن تشغيله بالشراكة مع الدول الصديقة ولا يمكن أن يبقى معمل السكر متوقفاً ونحن نستورد السكر ، كما أن تشديد العقوبات على التجار والصناعيين المخالفين والمتلاعبين بالأسعار يمثل مطلباً شعبيا إذ إن الأسعار تضاعفت عدة مرات بينما عقوبات المخالفين وغراماتهم لا تزال خجولة .
عبد اللطيف يونس