تتعاقد مجالس المدن – أو بعضها على أقل تقدير – مع شباب وصبايا للعمل كعمال نظافة، لمدة شهرين أو أكثر ، لسد النقص لديها بعدد العمال في هذا المجال ، وذلك بالتعاون جهات دولية ممولة مثل شبكة الآغا خان للتنمية كما في سلمية ، أو مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كما في حماة ، ولتحقيق شروط النظافة العامة في مجالها الإداري .
وبالتأكيد هذا أمرٌ حسنٌ ، فهو يؤمن فرص عمل – وإن كانت قصيرة المدة ومؤقتة – لمحتاجيها من شبابنا وشاباتنا ، تدر عليهم مدخولاً مقبولاً ولو بالحدود الدنيا في هذه الظروف المعيشية الصعبة ، وتساهم بتنظيف المدن من القمامة وتراكمها طيلة مدة العقود ، لتعود إلى سابق عهدها من الرداءة والسوء بانتهاء تلك العقود وعودة أولئك الشباب والصبايا إلى بطالتهم إذا لم تجدد عقودهم .
والسؤال الذي نود طرحه هنا : لماذا لا تكون تلك العقود دائمة ما دامت مجالس المدن تلك بحاجة ماسة لأولئك الشباب والشابات؟.
قد يكون رد المجالس أن تلك الجهات الممولة لبرامج النظافة العامة لا تمولها إلاّ لفترة محددة ، وفقاً لخططها وبرامجها الزمنية والمادية ، وتبعاً لاتفاقاتها مع الحكومة بتمويل نوع محدد من الخدمات العامة المتعلقة بالإصحاح البيئي ، وقد يكون لديها أولويات أخرى بحاجة لإنجاز وتمويل .
وبالتأكيد كل هذا وغيره صحيح ، ولكن دعونا نسأل : أين الخطط والبرامج الذاتية للوحدات الإدارية لتحقيق السلامة البيئية في مجالاتها المجتمعية ؟. وأين مواردها الاستثمارية التي تمكنها من تنظيف مدنها بالاعتماد على الذات ، أي بإنفاقها من عائدات استثماراتها على النظافة العامة وبشكل دائم وليس مؤقتاً ؟. وتُرى كيف سيكون واقع النظافة العامة ، لو توقفت الجهات الدولية الممولة اليوم لبرامج النظافة ، عن التمويل غداً أو بعد غد؟.
ونتمنى ألاَّ تتوقف لا اليوم ولا غداً لأن ذلك سيكون له منعكسات سلبية كثيرة على الواقع البيئي في أي مدينة قد تنسحب الجهات الممولة الدولية منها.
ولكن كل الاحتمالات واردة وينبغي لمجالس المدن أن تضعها بحسبانها ، وتعمل لما بعدها ، كي لا تستيقظ في يوم من الأيام وتجد نفسها أمام مشكلة بيئية كبرى ، هي من أشد التحديات التي تواجهها صعوبة، إن لم تكن مستعدة لها بتدابير ممنهجة لاارتجالية.
نأمل أن تعي مجالس المدن هذه الحقيقة وتتعامل معها بخطط وبرامج احتياطية.
محمد أحمد خبازي