صوت الفداء : الفساد .. بين الخوف واللاجدوى

 استغل الفاسدون خلال السنوات الثمان الماضية انشغال الدولة بمحاربة الإرهاب ودحره ، ما شكل بيئة خصبة لزيادة الفساد والتعديات على الأموال والأملاك العامة من أراض حراجية أو أملاك دولة أو بلدية ، وزيادة عدد المخالفات التموينية من غش وتلاعب بالمواصفات والأسعار.

والذي ساهم بتحول الفساد إلى ظاهرة أدت إلى تردد المواطن بتقديم الشكوى على الفاسدين انطلاقاً من مقولة ( خليها تجي من غيرنا ) أو شعور المواطن بألا جدوى من الشكوى في ظل تجارب سابقة من تأخر أو مماطلة أو عدم قيام بعض الجهات المعنية في قمع المخالفات وخلق حالة من العداء بين الشاكي والمخالف انطلاقاً من مقولة / ارضوا الشاكي وماعنا مشكلة / تؤدي إلى إحجام المواطن مستقبلاً عن الشكوى ، رغم أن القانون ضمن سرية هوية المشتكي عندما يتعلق الأمر بشأن عام مثل التعديات على الشبكة الكهربائية أو المائية ومخالفات الحراج والبناء وسواها .
كما أن تجاهل بعض الجهات المعنية للمخالفات أساء إلى سمعة الحكومة كون المواطن يعتقد أن هذه الجهات تعمل وفق توجيهاتها ، بينما الواقع أنها تعمل وفق مصالحها الخاصة فقط ، وهذا ما يؤكده عدم قمعها للمخالفات بذرائع مختلفة ، أهمها : شماعة الأزمة ، أو أن المخالفة صغيرة أو أن إزلة المخالفة وقمعها ستؤدي إلى خسائر كبيرة للمخالف ، أو أنه لا توجد إمكانية لقمعها حالياً وغيرها من حجج واهية .
أخيراً .. . إن المجتمع بانتظار تطبيق وثيقة الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أقرها مجلس الوزراء قبل ثلاثة شهور وفق مستويات تشخيص الحالة الراهنة ، ووضع التدخلات المناسبة لمكافحة مظاهر الفساد ضمن برامج مادية وزمنية محددة كون مكافحتها تمثل مطلباً شعبياً وضرورة يفرضها الحفاظ على الممتلكات والأموال العامة والخاصة ، وتطور المجتمع بكل المجالات وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المطلوبة ، وحتى يتم تطبيقها لابد من قمع المخالفات بشدة ومحاسبة الجهات المتقاعسة وهي مسؤولية الجميع بدءاً من المواطن الذي يشتكي على المخالفين وإصراره على الشكوى وتوثيق ذلك خطياً ، وانتهاءً بمحاسبة الجهات المقصرة بقمع المخالفات بالإضافة إلى الجهات الرقابية والوصائية .

* عبد اللطيف يونس 

المزيد...
آخر الأخبار