تتذرع مجالس المدن ، بشح الإمكانات المادية في عدم قدرتها على حل بعض المشكلات الخدمية ، التي تواجهها وتؤرِّق حياة مواطنيها، وتهدد صحتهم العامة والسلامة البيئية بشكل عام . ودائماً تلقي اللوم في ذلك الشح على الجهات الأعلى منها ، وتتهمها بالتأخر بدعمها مالياً ، أو بالتقصير في منحها اعتمادات إضافية أو إعانات ، تعينها على حل مشكلاتها المزمنة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر )تكدس القمامة) في شوارعها وأحيائها.
وتنسى تلك الوحدات الإدارية الشاكية الباكية اللائمة ، تقصيرها الكبير في استثمار مواردها الذاتية ، التي لو طبقت قانون الإدارة المحلية باستثمارها، لاستطاعت تحصيل مبالغ كبيرة ، وتوظيفها في حل مشكلاتها المالية ، من دون أن تستجدي من الجهات الأعلى منها ، ومن دون أن تقع في مشكلات مع الناس .
ومن تلك الاستثمارات الغنية المهدورة في بعض مجالس المدن ، إشغالات الأرصفة والتي هي أيضاً مشكلة كبرى تعجز بعض المجالس عن حلها، بما يريح المواطنين ويمكنهم من استخدام الرصيف ، المخصص في كل دول العالم للمشاة ، لا لأصحاب المحال والبسطات وغيرهم .
وما دامت هذه المشكلة المزمنة عصية على الحل ، كما في سلمية ومصياف على وجه الخصوص ، فلتستثمر مالياً بما يحقق ريعية جيدة لمجالس المدن ، يمكن توظيفها بحل مشكلة تراكم القمامة وترحيلها يومياً من شوارع المدن وأحيائها وخصوصاً البعيدة عن مراكزها التي لا تصلها أيدي عمل النظافة العامة وآلياتها – إذا وصلتها – إلاّ كل أسبوع مرة ، وكأن سكانها من كوكب آخر ، وإذا أصيبوا بأمراض وطالت معاناتهم من تراكم القمامة ، فذلك أمر عادي لايستحق الذكر !!.
فقد سمح القانون للوحدات الإدارية بفرض رسوم على شاغلي الأرصفة ، والمتجاوزين على حق المواطن بالسير عليها إن لم تكن قادرة على منعهم من ذلك بالحسنى – وهي غير قادرة فعلاً – وذلك بحديها الأدنى والأعلى ووفق كل منطقة أو شارع.
ومادام القانون قد سمح بذلك فالمطلوب من مجالس المدن تطبيقه وفرض الرسوم بحدها الأعلى ومن دون محاباة أو استثناءات ، إذ من المؤسف أن يكون رسم إشغال المتر المربع من الرصيف في بعض مدننا 30 ليرة فقط باليوم !!.
وهي عندما تحتكم للقانون في هذه المسألة فإنها تحقق أمرين ، أولهما عائدات مجزية تستفيد منها بمشاريع خدمية وحل مشكلاتها. وثانيها القضاء على إشغالات الأرصفة ، فعندما يرى شاغلوها أنهم غير قادرين على سداد رسومها فمن تلقاء أنفسهم سيمتنعون عن شغلها، فليس أمامهم خيار آخر ، فإما الدفع وإما المنع أو بتعبير آخر الامتناع.
* محمد أحمد خبازي