الأسواق الشعبية كفكرة ، هي جيدة بالتأكيد ، ولكن العبرة – كل العبرة – بتنفيذها لتصبح واقعاً ملموساً في كل حي من أحياء المدن الرئيسية بالمحافظة ، وتؤدي الغرض المنشود منها ، وتحقق الهدف من إحداثها ، في حماية المزارع المنتج من سماسرة أسواق الهال وحيتانه ، والمستهلك من جشع التجار الكبار والباعة الصغار ، وتأمين الخضروات والفاكهة له بأسعار لا يُظلم المنتجُ بها ولايكتوي المواطن بلهيبها !. هذه هي الفكرة الرئيسية للأسواق الشعبية ، وهذه هي الغاية النبيلة لها ، ولكن بالواقع الوضع مغاير تماماً، فمعظم الذين اكتتبوا على هذه الأسواق هم من الباعة العاديين وشاغلي الأرصفة والشوارع على أمل أن يبسِّطوا في تلك الأسواق إذا ما أحدثت بأمان الله وبمنأى عن ملاحقة شرطة البلديات وابتزازها لهم . ومن المكتتبين أيضاً بعض المدفوعين من التجار ليكون لهم موطئ قدم بتلك الأسواق، وكيلا يخرجوا من المولد بلا حمُّص !. وبالمنطق دعونا نجيب عن الأسئلة الآتية : هل المنتج قادر على بيع إنتاجه في تلك الأسواق، فمثلاً إذا كان لديه شاحنة بطاطا أو ثوم أو بندورة ، هل سيبيعها بالكيلو أو بالإثنين، وكم سيستغرق ذلك من وقت ، وهل ما سيجنيه من ربح يغطي أجرة الشاحنة ؟. بالمختصر المفيد ، المنتج يفضل بيع إنتاجه لتجار أسواق الهال أو عبرهم، لأن ذلك أيسر له وأجدى مادياً ويوفر عليه الكثير من العناء والوقت ، فهو ينزِّل إنتاجه لدى التاجر ويقبض ثمنه ويغادر وربما يقبض قبل تنزيل حمولة شاحنته . هذا أولاً، وأما ثانياً، فحتى اليوم لم تجهز مجالس المدن تلك الأسواق، ولمَّا تزل تتخبط في اختيار المواقع وكيفية إحداثها ، وتجهيزها وتخصيصها !. وهي مرتبكة بالتخصيص، فهل تخصصها للمزارعين المنتجين، أم لذوي الشهداء وجرحى الحرب أم لشاغلي الأرصفة والشوارع أم… أم !. وللعلم حتى اليوم لم يستقم على مستوى المحافظة من أمر الأسواق الشعبية ومن حيث الشكل ، سوى سوق واحد في حي جنوب الملعب بحماة فقط ! . وباعتقادنا، بدلاً من كل هذه المعمعة، يمكن للسورية للتجارة أن تشتري إنتاج المزارعين من الأرض مباشرة وتطرحه بصالاتها ومراكز بيعها المنتشرة بمختلف المدن والقرى والبلدات . وهي بذلك تريح المنتج والمستهلك وتحقق الغاية المثلى للأسواق الشعبية.
محمد أحمد خبازي