ما أن اشتمَّ العديدُ من التجار رائحة قانون ( سيزر ) النتنة ، الذي جددت به واشنطن عقوباتها الاقتصادية الظالمة علينا نحن السوريين ، وتبعها بذلك الاتحاد الأوروبي ، حتى برهنوا على أنهم أكثر نتانةً منه ومن مُصدِره ، برفعهم أسعار معظم المواد الغذائية الضرورية لحياة الناس اليومية وغير الغذائية ، بأكثر من 50 بالمئة ، ليساهموا بزيادة الحصار على الناس وبازدياد حجم الضيق المادي على المواطنين الذين أنهكهم الغلاء الفاحش أكثر من ذي قبل . علماً أن إجازات استيرادهم تلك المواد قديمة ووفق سعر الصرف بالمركزي المدعوم للمستوردين ، وليست وليدة اللحظة ، وهي مسددة بالكامل !. وهذا السلوك الناقص لأولئك التجار ، جاء في ظروف صعبة بل بالغة الصعوبة ، يعاني فيها المواطنون معاناةً شديدةً بتأمين لقمة عيشهم وقوت أطفالهم ، وهو ما يزيد طينَ حياتهم بِلَّةً ، ويشقيهم بل ويدمي أرواحهم. وبالتأكيد إذا بقيت الحالُ على هذا المنوال ، وإذا ظل الحبلُ متروكاً على غارب التجار ، من دون أي تدخل حكومي ، ستكون أيامنا القادمة – كموظفين ذوي دخل مهدود ، و مواطنين بلا دخل – علقماً على علقمٍ !. وباعتقادنا ، لا بدَّ من أن تكون في جعبة الحكومة خطط اقتصادية للتعاطي مع سيزر وتبعاته ومنعكساته – أو هكذا يُفترض – ليتعايش معها المواطنون بأقل الخسائر الممكنة !. ولعلَّ الاقتصاص من مافيات المال والأعمال التي تنهب مقدرات البلاد من القطع الأجنبي وتستنزف جيوب المواطنين – إن وجدت بها قرشاً – ينبغي أن تكون في رأس قائمة تلك الخطط الحكومية الطارئة . فالسكوت على هذه المافيات وكل تاجر يمتص قوت الناس ، جريمة لا تُغتفر بحق المواطنين المسحوقين بجشع التجار الكبار . بكل الأحوال لن نسمح لنغمة التشاؤم التي تتعالى خلال هذه الأيام مع دخول سيزر الظالم حيز التطبيق ، أن تسيطر علينا ، بل سنظل متفائلين مهما كانت الظروف صعبة ، لإيماننا بأن هذه العاصفة ستمرُّ على بلدنا كما مرَّ غيرُها . فالعاصفة تقتلع الأشجار هشة الجذور فقط ، ونحن جذور بلدنا ثابتة في أرضها ومتشبثة بترابها ورؤوس أشجارنا عالية ، كانت وستبقى .
محمد أحمد خبازي