ـ ولجت مع قلمي متحف حماة .. هذه الآبدة الآثرية العظيمة من أوابد التاريخ التي تركها الأجداد فأحياها الأبناء حتى صارت ذكراهم في خوابي الزمن حديثاً معتقاً حفظته الأجيال ، و حين نذكر متحف حماة نذكر مؤسسة الأديب الباحث عبد الرحيم المصري فقد كان مؤسس متحف حماة الأول و مفتش آثار المنطقة الوسطى .
ـ ولادته و نشأته :
ولد رجل الآثار الأول عبد الرحيم المصري في حماة عام 1930 و أتم تحصيله العلمي في مدارسها و ثانوياتها ثم انتسب إلى الجامعة السورية و حصل على إجازة في التاريخ عام 1952 و في عام 1956 تم تعيينه مفتشاً للآثار في المنطقة الوسطى و من هنا بدأت رحلته مع الآثار .
ـ كيف نشأ المتحف :
كتب الأستاذ عبد الرحيم مقالاً في مجلة الحوليات الأثرية ـ المجلد 14 يوضح فيه كيف أنشئ المتحف كان عنوان المقال :
متحف حماة بين الفكرة و التطبيق .
درجت الدول المتحدثة عن إنشاء متاحف تاريخية و أثرية و متاحف علوم و تكنولوجيا و متحف حماة أحد المتاحف السورية الإقليمية الذي خصته المديرية العامة للآثار و المتاحف بفائق عنايتها و قدمت له كامل طاقاتها و إمكاناتها بحيث إن مشروع إنشاء المتحف خرج من حيز القول إلى حيز الفعل و التنفيذ بوقت قصير .
ـ متى نشأ هذا المتحف و لماذا ؟.
من أجل ذلك صدر مرسوم رقم ( 3052 ) بتاريخ ( 24/ 9 / 1956 ) الذي ينص على أن ينشأ في مدينة حماة متحف إقليمي يكون مقره قصر العظم الأثري يدعى باسم متحف محافظة حماة و يخص آثار المدينة و تقاليدها الشعبية , و تقاليد كافة القرى التي تشملها محافظة حماة و هكذا حول هذا القصر الى متحف في الرابع من ربيع الأول عام ( 1376) الموافق في التاسع من تشرين الأول 1956 )
و يوضح المرسوم تفصيلات المتحف فيقول :
على أن يكون في المتحف جناحان ، جناح خاص بالآثار و جناح خاص بالتقاليد الشعبية و الصناعات المحلية .
و قد عمل على توسيع المتحف بمرسوم رقم ( 676 تاريخ 27/ 3 / 1962 ) و في عام 1963 تم توسيع المتحف و افتتاح جناح للآثار و هكذا صار في محافظة حماة متحف إقليمي يروي للزوار حكاية الإبداع في قصر أسعد باشا العظم و يعرف الأجيال بمن ساهم و فكر في تأسيس هذا المتحف .
تقول المراجع التاريخية تمكن المتحف بعد إنشائه و استكمال كل محتوياته على أن يحصل على آثار ذات قيمة تاريخية عظيمة جاءتنا عن طريق الاكتشافات الأثرية أو المصادرة أو شراء النفائس أو تبرع من الأهالي .
و يقتضينا المقام أن نقف قليلاً عند قصر العظم في هذا المتحف و نتعرف على قيمته الأثرية و التاريخية شاكرين للراحل عبد الرحيم المصري بدايته في إنشاء هذا المتحف .
و قد شدني للحديث عنه مقالاً له نشر في مجلة العمران عدد حزيران عام 1969 بعنوان :
( بيوت حماة من العهود الآرامية و الأيوبية و العثمانية ) كان المقال شيقاً و شرحه مطولا و مفيدا يوضح أن حماة قديمة قدم الأرض و عريقة عراقة التاريخ و صور لكل عشاق التاريخ ان محافظة حماة لعبت دوراً في العهد الآرامي بفضل موقعها في قلب سورية ووضح اكتشاف العالم الأثري ( هارلد إنفولت ) خمس مجموعات من الأبنية الآرامية في القسم الجنوبي من القلعة و هو من القرميد غير المشوي و البازلت و الحجر الكلسي و للقلعة مخطط مرسوم بمجلة العمران ينوه على مدخل القلعة القديم و يصور للسائحين و الزوار ماذا يوجد تحت هذا التل العالي في قلب المدينة من آثار و تراث بهذا المقال عرف عبد الرحيم المصري عن حضارة حماة و آثارها .
رحل عنا الباحث عبد الرحيم المصري و هو في قمة شبابه عام 1970 و لم يكمل مسيرته مع الآثار كما كان يريد و يتمنى لكنه مازال بيننا فكراً و ثقافةً تتناقلها الأجيال و يقرؤها الدارسون من عرب و أجانب من مؤلفاته : ( دليل متحف حماة ـ كتاب قصر العظم بالتعاون مع الباحث التاريخي كامل شحادة )
و عدة نشرات في مجلات متخصصة بالآثار و التاريخ و قد ترجمت للغة الفرنسية و مقالات في مجلة الحوليات الثرية يتداولها السياح و الزوار بالمتحف .
رامية الملوحي