شاعر سوري من مدينة حماة، وُلِد عام ١٩٤٨، حاصل على إجازة في اللغة العربية و آدابها من جامعة حلب، و قد عمل في التدريس في مدارس حلب و ثانويات حماة ، كما اختير مبعوثا تعليميا إلى المملكة العربية السعودية من عام ١٩٨١إلى عام ١٩٨٦. و هو عضو في جمعية الشعر في اتحاد الكتاب العرب، و له ترجمة في معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.
حمّل شعره شحنات عاطفية و انعكست أصداء الرومانسية في شعره فكان مرآة تنعكس من خلالها تجربة الشاعر الباذخة بكل معنى رفيع و شعور سامٍ مؤتلق.
و قد شارك في مسابقات أدبية شعرية فحاز من خلالها على عدد من الجوائز نذكر منها :
– جائزة في مهرجان الشعراء الشباب بحلب ١٩٧٠.
– جائزة في مسابقة الشعر في دمشق ١٩٨٨.
و كان شعره مادة لدراسات النقاد، فتناوله عدد من الدارسين بالنقد و التحليل .
و نذكر من نتاجاته الإبداعية في عالم الشعر المجموعات الشعرية الآتية:
– (على المرفأ)، دار الثقافة، دمشق، ١٩٩٠
– (عنترة و بوابات الشمس)، دار الأنوار، حماة، ١٩٩٧
– (على شرفة القمر)
– ( فراشات ملونة)
اتسمت قصائده بغنى أسلوبي و نضج فكري و رؤية شعرية بعيدة تسبر أغوار الروح الإنسانية التي تقدس الجمال و تتغنى به و تعنى به ،و تتجلى هذه القصائد من خلال عزفها على إيقاع حديث منفرد أو على شلالِ موسيقا قديم تتدفق منه الروح العربية الكلاسيكية المحببة، و بإيقاع عذب و تطلُّعٍ إلى الماضي مشفوع بطغيان الحنين إلى الطفولة يقف شاعرنا عند هذه العتبة فيستحضر ما شاء له من طيوف و أماكن و مواقف عامرة بالحب و الفرح حينا و بالألم و الحزن حينا آخر . تجده يقول في قصيدة (الحي القديم ص١٢-١٣) من مجموعة (ليالي الأميرة شهناز):
طيوف من الماضي كأضمومة الورد
خطرْنَ بلا وعد كأنا على وعدِ
فأيقظْنَ ما جرّحته يدُ النوى
و هجْنَ تباريح الصبابة و الصّد
فطِرت إلى الحي القديم مشوّقا
و مثل خفايا السحر تأخذُ بالرشدِ
و تُصغي إلى خطوي دروبٌ وساحةٌ
و يركض طفلُ الأمسِ في الأكم و الوهدِ
و قد امتازت هذه المجموعة بسيادة الروح الرومانسية إذ نجد الشاعر رقيقا صاحب قلب مرهف و أحاسيس رقيقة تملأ قصائد المجموعة بهاءً، كما نجده في عموم كتاباته مأخوذا إلى عالم الطبيعة المشبع بعناصر تبث الاطمئنان و السلام في ذات الشاعر التي بدت هادئة متزنة تتنسم المزيد من الاطمئنان و الكثير من السلام، كما بدت اللغة بسيطة سهلة و أنيقة بعيدة عن أي تكلف و تحمل روحا متجددة تنسجم وفكر الشاعر، كما تتجلى فيها الحياة و كأنها صيغت من اخضرار العشب أو زرقة النهر أو لجين القمر. نجد الشاعر يقول مناجيا القمر في (الليلة الرابعة عشرة ص٥٠) (من ليالي الأميرة شهناز) :
ومرّةً.. ومرّةً يحُطُّ طائرُ المساءْ
وأنتَ ترنو وادعاً و هادئاً من كوّة السماءْ
في صمتكَ الحكيمِ بسمةٌ عجيبةٌ غريبةُ الأسرارْ
مشاعرٌ مكتومةٌ و لهفةٌ و نارْ
فلَو نزلْتَ، بحْتَ لي، غفوتَ فوق راحتي
كقبلةِ عذراءَ فوق وجنتَيْ
أُعطيكَ نورَ مقلتي
بدفء أنفاسي أُذيبُ صدرك الجليدْ
أبثُّ فيك الروحَ من جديد
يخضرُّ في ضلوعك الشعورْ
أكسوك بالديباج و الحرير
تصير عندي جدّي المقرَّب الأثير
وربما وزيره الكبير
إن شئت “شاهنشاه” أن تصير
و لا أريد منك غير وردة الحنانْ
و هكذا نجد أن الشاعر تألق في كتابة الشعر فدلت قصائده على تجربة وجدانية عميقة اتسمت بالقوة و التميز و الفرادة و هي صادرة عن روح تؤمن بأن الشعر رسالة أدبية فاخرة تزداد بها النفس رقيا زمانا بعد زمان فتطاول الآفاق و تسافر بها إلى كل مكان تستشعر من خلاله ظل السكينة و ظلال الأمان .
براء عبدو أحمد