هبَّت أسعار معظم المواد الغذائية وغير الغذائية ، هبوباً مريعاً في أسواقنا المحلية أطاح بقدرة المواطنين الشرائية ، وزاد في تهالكها أكثر مما هي متهالكة ، وأنهك حياتهم المعيشية أكثر مما هي منهكة !.
وقد ترافق ذلك الهبوب المريع ، مع موجة التصريحات الرسمية ، حول زيادة رواتب العاملين في الدولة والمتقاعدين أيضاً ، ومع تحليلات بعض رجال الاقتصاد لواقع الأسواق وأثر الزيادة المحتملة ونسبتها ، بأجور العاملين بالدولة بكل فئاتهم وشرائحهم ، وهو ما تلقف إشاراته العديد من التجار الحيتان سريعاً ، وعمدوا إلى امتصاص أي زيادة رواتب محتملة حتى قبل إقرارها ، وبشكل مريع فعلاً بحيث لن تؤثر بتحسين ظروف الناس المعيشية حتى لو كانت بنسبة 500 بالمئة !.
إن جولة في الأسواق للاطلاع على أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية الضرورية لحياة الناس اليومية – مجرد اطلاع – تعطي مؤشراً حقيقياً على مدى تحكم الحيتان بالأسواق وتلاعبهم بالأسعار ، ورفعها عمَّا كانت عليه قبل أيام معدودة من تلك التصريحات والتحليلات !.
وباعتقادنا ، هذه الحال تستدعي أمرين ، أولهما الكف عن التصريحات فيما يتعلق بأي زيادة رواتب.
وثانيها وهو الأهم ، حملة على مستودعات الحيتان من التجار الكبار ، ومصادرة كل المواد التي يتحكمون بأسعارها ، وبيعها بصالات السورية للتجارة بأسعار زهيدة تناسب مداخيل المواطنين ، التي أنهكها – وينهكها – أولئك التجار بسوء أفعالهم .
ينبغي لوزارة التجارة الداخلية أن تسخِّرَ كل إمكاناتها لحماية المستهلك / فعلاً لا قولاً / ، من الحيتان الذين استفردوا به – ويستفردون – في السوق ، لتشليحه ما تبقى من آخر ورقة التوت التي يستتر بها حفاظاً على كرامته !.
محمد أحمد خبازي