ضفاف العاصي
مع خيوط الصباح الأولى ، يتوزعون كما الضياء ، وجوهٌ نفرت التعب رغم التعب ؟!
يتوزعون الطرقات عند مفارق قراهم ، أو على قارعة الطريق ….. يتأبطون حقائبهم الصغيرة ، والكبيرة ركنوها جانباً ، رجالٌ ونساء ، شباب ٌ وأطفال ، موظفون ، طلبة مدارس وجامعات ، عساكر …يسافرون في اتجاهات عدّة …تأخذهم إلى أمدية بعيدة ….يمسكون بهواتفهم بقلق..يراقبون الساعة ، عليهم الوصول إلى أهدافهم في الوقت المحدد .
سيارات تعبر الطريق من شتّى الأنواع ، خاصة وعامة، سيارات شاحنة ، سيارات سياحية ، سيارات خضرة …!؟
. تلوّح الأيدي الناعمة الغضّة، لتلك السيارات المسرعة دونما جدوى !؟ لا تيأس الأيدي أبداً من التلويح !!
العيون المتلهّفة ، القلقة ، لا تكفّ عن البحث والرصد والمتابعة …
الوقت يمر والقلق يزداد ..
ويستمر المشهد …
قلّة من السيارات العابرة يتوقف جانباً ، تهرع الأرجل نحو الباب المفتوح ، ..يصعد راكب أو أكثر ، تنفرج الأسارير ، تنهال كلمات الشكر والامتنان لكل سائق يشعر بالآخرين ، يشعر بمعاناتهم، تنهال الدعوات له بالتوفيق …
في الأزمات والظروف الصعبة ، ثمّة سلوكيات يجب ان تتعزز في المجتمع ، سلوكيات التعاون والمساعدة ومد يد العون للمحتاج اياً يكن نوع المساعدة ، فهي تعزز المحبة والتراحم وكما قيل في المثل الشعبي (الناس لبعضها ) …
ربما تضطر الظروف أيّ منا لطلب المساعدة من الآخرين ، ولا يدرك حجم السعادة والراحة إلا من وجد من يشعر به ، يشعر بمعاناته ، وسيظل يذكر تلك المواقف حتى لو كانت صغيرة …
عندما تعبر أي طريق مهما كانت المسافة ، من الواجب الإنساني والأخلاقي ان تقف لمن يؤشّر لك لتنقله معك إلى حيث تذهب …تشعر بأن كلمات الشكر التي يوجهها لك رجل تعب َمن الوقوف ، او امرأة مع طفلها أعياهما الانتظار ، او عسكري قادم من ثكتنه او قطعته في إجازة ، انطلق منذ الصباح الباكر وعلى ظهره حقيبته ،ولم يصل بعد إلى أهله وأسرته وأطفاله ، تشعر أنه يجب أن تتوقف لهؤلاء بمحبة ، تشعر أنه يجب ان تقدم شيئاً لهم ….
على قارعة الطريق …نختصر المسافات البعيدة ، نفتح النوافذ لقلوبنا علّنا نزرع ابتسامة على شفة طفل ، او نقلل من معاناة طاعن في السن ، لم يتعبه مشوار الحياة أو مواعيد الانتظار….
الناس للناس ، مهما كانت ظروف الحياة صعبة وقاسية ومزمنة ،علينا ان نجد بوابات مفتوحة للقلوب النابضة بالحب والفرح والحياة …
*حبيب الإبراهيم