يشكّل السابع عشر من نيسان نقطة مضيئة في تاريخ سورية النضالي ، فبعد كفاح ٍ بطولي ّاستمر أكثر من ربع قرن، تمكّن السوريون من صنع الاستقلال بكفاحهم وتضحياتهم وصمودهم وإيمانهم بالقيم والمبادىء التي تربّوا وشبّوا عليها ، فكانت الثورات التي اذاقت المحتل الفرنسي مرارة الهزيمة وكبدته الخسائر الفادحة في الجنود والعتاد ، الثورات الوطنية التي عمّت ارجاء الوطن ، من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه ، فكانت البطولات ، وكانت التضحيات ، وكانت الانتصارات …تعانقت اكف الثوار ، تعانقت البواريد في جبال الساحل والغوطة والجولان وجبل الزاوية وحماة ودير الزور وجبل العرب الأشم …لقد كتب الابطال باحرف ٍ من نور ملاحم العزّة والفخار ، فكانوا كالجسد الواحد في قتالهم وثباتهم وتضحياتهم ….كافحوا ببسالة ، وصمدوا بإيمان ٍمطلق بوحدة سورية الوطن والإنسان …رفضوا التقسيم والتجزئة وتمسكوا بوحدة سورية دولة موحدة ..كان الجلاء عرس الوطن الأبهى ، معه علت الزغاريد وانتشرت الأناشيد ملء الحناجر على امتداد ساحة الوطن معلنة ً ولادة فجر ٍجديد ….
إنّه الشعب السوري الذي خاض معارك الشرف والعزة ونفض غبار الاحتلال والانتداب وحقق الجلاء في السابع عشر من نيسان عام ١٩٤٦ حيث رحل آخر جندي فرنسي عن أرض الوطن ،ومعه أشرقت شمس الحرية مزهوة بالنصر المؤزر ..وراحت الحناجر تُنشد لعروس المجد كلمات الشاعر الكبير عمر أبوريشة (يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا ذيول الشُهب ) ورددت بالصوت الواحد مع شاعر العصي بدر الدين الحامد (يوم ُالجلاء هو الدنيا وزهوتها لنا ابتهاج ٌ وللباغين إرغام ُ *
إنّه عيد الجلاء ، عيد الاستقلال، عيد الأعياد … اليوم الأغر ، الذي أسّس لمرحلة جديدة في مسيرة البناء والتحرير وصون الكرامه الوطنيّة والحفاظ على سيادته واستقلاله .
في السابع عشر من نيسان كلن للصباح لون آخر ،فيه ارتسمت معالم الضياء تبراً من اكف الأباء والأجداد الذين كافحوا وناضلوا بعزيمة لا تلين وهزموا الغزاة وحققوا الانتصار .
لقد كتب الأباء والأجداد بدمائهم الذكية أسفار المجد، وزينوا ساحات الوطن برايات الجلاء وهي ترفرف عالية ً خفاقة ،معلنة ً ولادة فجرٍ جديد تباشيره مستمدة من عظمة الأبطال الذين قاتلوا بشرف وبسالة حتى اندحر الغزاة إلى غير رجعة .
في الذكرى السابعة والسبعين لعيد الجلاء يستمر أحفاد صناع الجلاء بحمل الراية وهم اكثر ثقة بأن الوطن باق ٍ في نن العيون ، في القلوب والمهج يدافعون عنه ببسالة ، يحمون ترابه المقدّس ويسيجود حدوده بالسواعد التي لا تلين …
طوبى لصنّاع الجلاء ، حملة الرسالة ، طوبى لحماة الديار حماة الوطن رجال الجيش العربي السوري وقوى الأمن الداخلي حرّاس الفجر والكرامة ، طوبى للشعب الصامد المكافح الذي هزم الغزاة وهزم الإرهاب وقدّم التضحيات من خيرة أبنائه شهداء الحق والواجب …
في ذكرى الجلاء …في اليوم الأغر تستمر مسيرة الجلاء بكل العنفوان والإباء ، تستمر مسيرة البناء والتحرير وإعادة الإعمار بكل ثقة وإيمان بأن الوطن ينهض ويزدهر بعقول وسواعد أبنائه الشرفاء الذين عاهدوا فصدقوا ، قاوموا الاحتلال والظلم والظلام صمدوا وانتصروا …
في ذكرى الجلاء …المجد والخلود لشهداء الجلاء وشهداء الوطن الأبرار….كل عام وصنّاع الجلاء ….سيّد الوطن السيّد الرئيس بشار الأسد…. جيشنا الباسل ….شعبنا الصامد بألف خير .
*حبيب الإبراهيم