على ضفاف العاصي
قال الشّاعر السوريّ ” فاضل أصفر ” في فضائل العيد السّامية :
وخيرُ ثوبٍ بيومِ العيد نلبسه ثوبُ التّسامحِ والغفرانِ للناسِ
وأمّا الحقودُ , فلا ثوب يجمّلهُ وإن تطرّزَ ذاك الثوبُ بالماسِ
أجل , فالتّسامحُ والغفرانُ خلقانِ إنسانيانِ , يأمرنا الله تعالى بالتخلّقِ بهما , وغني عن الذّكر أنّ مفردتي ” السّميح ” و” الّصفوح ” تندرجانِ ضمن أسماء الله الحُسنى .
قال الله تعالى عزَّ وجلَّ في الذكر الحكيم : ” فاعفوا واصفحوا حتّى يأتي الله بأمره…( البقرة 109)” .
فمن هنا نعي أهميةَ الصفح والعفو اللذينِ ينحازُ بهما من يتسمُ بروحٍ إنسانيةٍ نبيلةٍ , تنأى عن الأحقادِ والضّغائن , وتحلقُ في فضاءاتِ الفضائل الإنسانيةِ الّتي تحضنا على السّلام والوئامِ والعمل الصّالح .
ومن الجديرِ بالذكر أنّ الأدباءَ والمفكرينَ والفلاسفةَ الأفاضلَ أوقفوا إبداعاتهم على رسم خارطة طريق إلى مجتمعٍ طوباوي تنعدمُ فيه النقائضَ والمثالبَ, مجتمع يذكرنا بالعصر الذهبي الكلاسيكي حين نعِمَ بنو البشر بحياةٍ هانئةٍ قائمةٍ على الانسجام فيما بينهم .
وتشيرُ القراءةُ المتأنيةُ لمسرحياتِ ” شكسبير”أنّه نادى بالصّفح والعفو من أجل تشييد بنيان اجتماعي يتسامى فيه النّاس عن الدّنايا , ففي الكوميديا المعنونة ” كما تشاء ” يعفو الدّوق الأكبر عن أخيهِ , وينسى ما ارتكب بحقّه قائلاً:
إنّني أسامحكَ يا أخي , وأعفو عنكَ
فالصفحُ هو السّبيل الوحيدُ نحو رأبِ الصّدع …..
لذا خليق بنا , نحن بني آدمَ أن نسموَ بأرواحنا , و أن نترفعَ عن الدّنايا , ونتمثلَ أخلاقاً فاضلةً تليقُ بإنسانيتنا التي نتفردُ بها عن سائرِ المخلوقاتِ في هذا الكون .
تعالوا نحيا بإنسانيتنا ونساعدُ الآخرينَ على أن ينعموا بحياةٍ إنسانيةٍ حقّة.
وفي هذا العيد المبارك دعونا نترجمُ فرحته مودة وصلة رحم وتسامحاً , وهذه رسالةُ ُالأعيادِ الإنسانية ِالسّمحةِ.
أ.د. الياس خلف