أمّة «إقرأ » …لا تقرأ !

تُعتبر القراءة واحدة من أهم ّوسائل تحقيق المعارف واكتساب المهارات، كونها الخطوة الأولى والمدماك الأهم في طريق العلم والمعرفة وصولاً إلى الأهداف النبيلة وتحقيق النجاح والتميّز في مختلف ميادين الحياة. لعل ّ متعة القراءة لا يجاريها متعة ،ولا يوازيها سبيل لتحقيق الشخصية المتوازنة والناجحة في مختلف مضامير التخصص، هذه المتعة لا يحس ّ أو يشعر بها إلا من رافق نعومة الورق ورائحة الحبر وغنى المضامين وحيويتها وامتلاكها أهم عنصر في القراءة ألا وهو عنصر التشويق …
فالقراءة حاجة أساسيّة للجميع وخصوصاً طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس حتى رياض الأطفال كونها نقطة الانطلاق الأولى في حبّ القراءة والمطالعة والتعلق بالكتاب كونه «خير ُ جليس »و. «خير ُصاحب » و « خيرُ أنيس »و « خيرُ وفي » و….
ومن المحزن والمؤسف ان أمّة (إقرأ) لا تقرأ أبداً وكأنها في خصام حاد مع الكتاب …القراءة، …. إذ من غير المعقول أن « الوقت الذي يستغرقه المواطن العربي في القراءة لا يتعدّى الدقيقتين في العام مقابل ست ساعات للفرد الأوربي »!.
«وما تستهلكه دار نشر فرنسيّة واحدة من الورق سنويّاً يفوق ما تستهلكه الدول العربيّة مجتمعة »!.
إنها مفارقات حادة ومؤلمة …تحزّ في النفس، تطرح أسئلة واستفسارات وعلامات استفهام كثيرة ….
لقد ارتبطت الأجيال السابقة بالكتاب فأدمنت القراءة للوصول إلى المعرفة والحقيقة ،وبلغوا في ذلك شاناً عظيماً مثل الكاتب الكبير عباس محمود العقاد والذي قدّم في تسعين عاماً أكثر من تسعين كتاباً في الفكر والأدب والفنون. والمثال الآخر الكاتب «كولن ويلسون »الذي عكف لعشر سنوات وهو يقرأ ويطالع من المكتبة بمعدّل عشر ساعات يوميّاً ليقدم أمتع وأجمل الكتب وليصبح من أهم وأبرز وأشهر كتاب القرن العشرين.
كثيراً ما يردد الأباء، المعلمون، التربويون … بأن هذا الجيل لا يقرأ، لا يحب المطالعة وكأنه في عداوة لدودة مع الكتاب وليمضي جل ّوقته أمام شاشات الحواسيب أو الهواتف الخليوية والتي سلخت الأبناء من حضن الأسرة الدافىء والذي كان يمدّهم بالحب والحنان والنصح والمشورة، فزادت وسائل التواصل الاجتماعي الهوة بين أفراد الأسرة الواحدة ،او مع الأسر الأخرى ،فتحوّل التواصل إلى قطيعة وتوحد وعزلة ،وأصبحت هذه الوسائل نقمة بعد ان كانت نعمة.
اليوم نحن بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى تعزيز وتأصيل القراءة في عقول وأفئدة شبابنا ،في حياتنا بشكل عام وصولاً إلى تجاوز كل معوقات وأعذار وأسباب العزوف عن القراءة والتي تُعد من أهم عوامل تحقيق الفائدة الفكرية والمعرفية والعلميّة ….
القراءة فائدة ومتعة بآنٍ معاً ويمكن أن نحوّل القراءة إلى عادة ثابتة ترتبط بشكل رئيس بالمتعة والتشويق والبحث الدائم عن المعرفة والاكتشاف والمثابرة الدائمة من أجل الوصول إلى الأهداف المتوخاة من القراءة ،فالقراءة أولاً وأخيراً هي: فن وأسلوب ومهارة .
أخيراً لا بد أن نوجه الاهتمام لأهمية القراءة ودورها في بناء الشخصية المتزنة المعبأة بالعلم والمعرفة والمهارات الحياتية لأن القراءة كما قال الكاتب والفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون الذي قاد الثورة العلميّة مُعتمداً مبدأ الملاحظة والتجريب. : « القراءة تصنع إنساناً كاملاً، والمشورة تصنع إنساناً مستعدّاً ،والكتابة تصنع إنساناً دقيقاً »
والسؤال: ماذا نصنع نحن؟ !

حبيب الإبراهيم

المزيد...
آخر الأخبار