أن تستيقظ باكراً، يعني أن تستقبل يومك بهمّة وحيويّة ونشاط …يعني أن تكون رفيقاً للندى والعصافير وخيوط الضوء الأولى…
وأنت تراقب الاشياء الجميلة َ, النبيلة ، تغمرك السعادة وأنت تعانق ببصرك وأحاسيسك خيوط الضياء….يحق لك أن تبتهج ويرقص قلبك فرحاً، لأنك تشارك الصباحات ولادتها وهي تودع حلكة الليل…يأسرني الضياء وهو يتوزع بهاءً وجمالاً على الحواكير والازقّة وحواف الطرقات وأسطحة المنازل ونشيج المزاريب وهي تتناغم مع حفيف الأشجار…العصافير، اليمام يستعد ليبدأ نهاره باعذب الألحان…
لعل الصورة لا تكتمل إلا بمشاهدة العساكر ببزاتهم المبرّقعة وهم يحثون الخطا إلى نقاطهم وحواجزهم وجبهات الشرف والعزة ليكملوا رحلة البذل والتضحية والفداء…
عمال وموظفون ينتشرون علي الطرقات البعض ينتظر سيارات المبيت، والبعض الآخر ينتظر سيارات النقل العام (سرافيس) كي يصلوا دوامهم وأعمالهم دونما تأخير…
وأنت تراقب هذه المشهدية الرائعة تتأمل طلبة الجامعات وهم يقفون على مفارق قراهم بانتظار الحافلات التي تقلّهم إلى جامعاتهم ومعاهدهم ، يتأبطون حقائبهم التي حمّلتها أمهاتهم ما لذ وطاب من طعام (محمرات، فطائر بالسلق، و…) تشعرهم وكأنهم لم يغادروا بيوتهم وفي أحضان أمهاتهم…
امام الفرن تجد عشرات المعتمدين يأخذون خبزهم ساخناً طريّاً، يتبادلون أحدث الأخبار في القرية وما يجري حولهم، وأحياناً يقدم بعضهم تحليلاً سياسياً عما يجري من مستجدات….
على جانبي الطريق تاسرك حركة الفلاحين والمزارعين وهم يسرعون إلى حقولهم ومزارعم وبساتينهم وكرومهم وهم يحملون في قلوبهم المحبة والطيبة يوزعونها. بيادر خير للآخرين….
لا يعنيهم اتفاع الدولار ولا البورصة او مضاربات التجار، تجار الأزمة الذين ليس لديهم رادع من ضمير او أخلاق…
الفلاحون كل ما يعنيهم هذه الأرض الطيبة، ضمائرهم الحيّة، الرزق الحلال، تعليم أبنائهم أحلامهم .. أمانيهم بمستقبل أجمل وأبهى….
السادسة صباحاً لوحة ترسمها حركات الناس التي تستقبل خيوط النهار بالحمد والشكر على نِعم الله، تستقبل نهارها بقلوب مفعمة بالمحبة والخير لكل الناس…
السادسة صباحاُ …للحياة وجهٌ آخر ….الشمس تستيقظ من خدرها لتستقبل صباحات الشرفاء الطيبين وهم أكثر ثقة بأن القادم اجمل وأبهى….
حبيب الإبراهيم