على ضفاف العاصي: أمّهات.. أمّهات

 
لم تكن الأسرة السورية يوماً من الأيام عالة ،أو عبئاً  على المجتمع، بل كانت مؤسسة قائمة بحد ذاتها، مؤسسة منتجة بكل معنى الكلمة ، مؤسسة اجتماعية، اقتصادية، تربوية، توازن بين الواردات والنفقات، تؤمن كل حاجاتها باعتمادها على ذاتها، تقتصد في نفقاتها عندما يكون الاقتصاد ضرورة وواجب، وتنفق عندما يكون الإنفاق تطويراً للأفضل،  تدير مواردها بعناية، تتصرف بحكمة، تؤمن حاجاتها من موسم إلى آخر ،تتبع سياسة الاعتماد على الذات، تتدبر امورها بعيداً عن أيّة أزمات، كان يشارك في هذه الإدارة وبشكل فاعل ومؤثر إلى جانب رب الأسرة،  الأم السورية العظيمة التي تتدبر أمور أسرتها بحكمة ودراية ومحبة …بفطرتها وطيبتها، وحبها لأسرتها حمت الأسرة وحافظت على تماسكها وحصنتها من أية خضات، أو أزمات سيؤثر بكل تأكيد على استقرارها ومستوى معيشتها…..نستذكر هذه الحالة ،
ونحن نعيش اليوم ازمات متلاحقة منذ ان فُرضت على وطننا هذه الحرب الكونية القذرة،الظالمة والتي طالت البشروالشجر والحجر،  وحتى نكون منصفين وكي لا تكون الحرب شماعة نعلق عليها فشلنا أو إخفاقنا في معالجة اسباب هذه الأ زمة او تلك ،فإن بعضاً من اسباب هذه الأزمات موضوعي وهو انعكاس ونتيجة طبيعية  لهذه الحرب، لكن البعض الآخر ناجم عن سوء في التخطيط والإدارة ،أو سوء في التصرف والتدبير ،او عدم استثمار المتوفر من طاقات وإمكانات بالشكل الأمثل، أو بأقصى طاقة،  مما جعلنا ،ما أن نخرج من ازمة ،حتى ندخل في أزمة أكثر تعقيداً وتأثيراً على حياة الأسرة السورية التي كان لها الدور الأساس في معركة الصمود والبقاء والدفاع عن الوطن …. ولو انّ الحكومات المتتالية فكرت ،وادارت وتدبرت  أمور المواطنين بعقلية وتفكير أمهاتنا، لكنا اليوم اكثر استقراراً، وما وقعنا في هذه الأزمات الخانقة والتي تشكل هاجساً يومياً ،وعبئاً ثقيلاً يقض مضجع كل مواطن سوري ،وكل أسرة سورية ، أصبح جلّ تفكيرها تأمين رغيف الخبز ومازوت التدفئة وجرّة الغاز. و…والقائمة تطول؟ !
هي سياسة ناجحة، سياسة التدبير والتدوير التي انتهجتها امهاتنا ،يزرعن في «الحاكورة » الخضروات الصيفية والشتوية، والفائض يتم تخزينه لفصل الشتاء، لم يدرسن في مدارس او جامعات،لم يتبعن دورات، او يحضرن ندوات،  بالفطرة وعلى السجيّة كن عظيمات من الطراز الاول،  ملامح من النبل والبراءة وبحار دافقة من الحب والحنان …
*حبيب الإبراهيم
المزيد...
آخر الأخبار