على دروب الجمال ..الجلال

 

كتبنا غير مرة ودعونا من على غير منبر إلى ممارسة رياضات روحية تورثنا الراحة والسكينة وتزودنا بطاقات ايجابية تمكننا من قراءة الواقع بمفردات مغايرة جديدة وتجعلنا أكثر قدرة على التقاط مكامن الجمال والكمال والجلال ..

دعونا على سبيل المثال إلى ممارسة التأمل وجعل هذه الممارسة برنامجا شبه يومي ولو لساعة أو أقل إذ أن التأمل ما هو إلا تلك المنظومة التي تؤسس لعالم أكثر عدلاً وأمناً واطمئناناً… لعالم ينبذ القبح والتخلف والفساد، ويعمل على تعزيز القيم والأخلاق، يعمل على تغليب الروح والمنطق على ترّهات الزمان، والمنطق هنا من حيث هو آلة تعصم العقل من الوقوع في الخطأ بحسب تعريف ابن سينا له في كتابه النجاة.‌‏

التأمل.. رياضةً يمارسها العقل لتنشيط القلب، فيفيض حباً وألقاً بكل مفردات الله.. ويصعد بالروح نحو سموات سبع، تطفح بنور الإله

التأمل قاد ويقود إلى الكشف والانعتاق في كنه وكينونة الإنسان.. الإنسان الحقيقي

الإنسان الذي جسّد ويجسد ملامح نهر عذب يبلّ رمق مخلوقات الله جميعها..‌‏

وإذا كان ابن سينا يعتبر أن الشعر ليس للتفهيم بل للإدهاش، فإن كل ما حولي هو مدهشٌ بامتياز.. شعر بامتياز بدءاً كما قلنا من تأمل حفنة القمح بيد فلاّح يهم بنثرها على تربة خصبة، وليس انتهاءً بتأمل ما يتلألأ في بطن تلك السماء.. مروراً بتأمل الشمس لحظة شروقها.. غروبها.. القمر وما يتركه من فضة على وجه ماء.. الإصغاء لصوت ريح ونحن في أعالي الجبال أو بين غابات القصب

كل هذا شكّل ويشكل عند الإنسان العاقل ذاك النزوع الأسطوري نحو الشعر والحب والجمال..‌‏

وعلى الضفة المقابلة نرى أن ابتعاد الإنسان عن تلك المفردات – التي توسعنا بالحديث عنها تزيده انحداراً نحو الموات والعتمة والظلم والكره وممارسة حراك حياتي ينأى به بعيداً تجاه مفردات مغايرة فيعمل على تأصيل المضاد.. تأصيل القبح والعنف والخراب والشر و..الخ في وجه الحياة والحب والجمال والخير والسلام..‌‏

فالمحبة درب الخلاص.. درب الصعود نحو الله بقلوب طافحة بالنور.. نعم بالحب وحده يحيا الإنسان..‌‏

فكم علينا أن نمارس هذا الفعل الحضاري كي نطهر قلوبنا وحياتنا ومجتمعاتنا من أدران الخراب والفساد و..الخ، من مفردات حرب أتت على الأخضر واليابس، فراكمت في قلوب العباد والبلاد كل شهقات قهر وغضب وموات جثم قبالة كل باب من بيوتاتنا الطافحة بالحنين..‌‏

نعود لنختم بما بدأنا به..‌‏

علينا أن ننتصر جميعنا للحياة للبهاء للجمال للخير، لأننا نحن أبناء كل هذه الأشياء الجميلة. ولا يتأتى هذا الفعل الجميل إلا من ممارسات جد هامة وعميقة لفعل الحب الذي نادت به كل الشرائع والعقائد والأديان والفلسفات والمثيولوجيات و..الخ.‌‏

فبالحب يتطهر الإنسان من القيم الرديئة..‌‏

وبالحب نهزم كل مشاريع الكره والحقد والظلم والفساد والإفساد..‌‏

عباس حيروقة

المزيد...
آخر الأخبار