لم يكن يوم العطلة الأسبوعية -الجمعة -يوماً عادياً في طفولتنا وحياتنا الطلابية قبل اكثر من أربعة عقود، كنا ننتظره بشغف المحب ….. ننتظر يوم العطلة بفارغ الصبر ،كي نرتاح من همّ الدراسة وكتابة الوظائف والواجبات المدرسيّة،حيث تاخذنا الدروب الترابية إلى بوابات الفرح والسعادة، كان يوم العطلة جواز سفرنا إلى عوالم نابضة بالطيبة والعفوية والجمال …..لا شيء يعكر صفونا، مدى واسع من السهول تتداخل الوانها، سواقٍ تعلن النفير وهي لا تهدا ابدا..ً يأخذنا يوم العطلة إلى ملاعب طفولتنا حيث «قواميع » الحجارة وصلي الأفخاخ ….هي ملاعبنا الروحيّة،ميادين لا تنتهي لأحلامنا القادمة ،يوم العطلة يأخذنا إلى أحضان الطبيعة الخلابة ، بحقولها،بجمالها، بسفوحها وحجارتها النابضة حبّاً وخيراً ..حقول واسعة من القمح والشعير تمتد حتى المدى بانتظار موسم الحصاد، كنا -كل جمعة -على موعد مع الفرح الطفولي، الضياء الذي لا يأفل ، كنا على موعد مع رحلة شاقة وشيقة، فيها الكثير من الفرح، والكثير من التعب، رحلة البحث عن أعشاش العصافير والقندريس بلونه البنفسجي ، لا يعنينا حر او بُعد مسافة كانت عيوننا ترنو إلى مواطن الجمال …الحقول …الشيح …العصافير…. هي تطير بهدوء …نركض خلفها علّنا نمسك بها …لكن دون فائدة. ركض . …تعثر … بحث لا ينقطع … أحلامنا التي كانت صغيرة ،بريئة ،بهيّة، علّها تذكرنا اليوم ببقايا قصائد وحكايات كانت زادنا ذات ربيع ، وما زالت تنبض بالحياة. …
*حبيب الإبراهيم