رئيس التحرير : طلال قنطار
يشهد الشارع السوري اليوم حالة متقدمة من الوعي السياسي والاجتماعي تتجلى في إدراكه العميق لحجم التحديات التي تواجهها الحكومة الجديدة في مسيرتها نحو تثبيت الاستقرار، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين هذا الوعي الشعبي لم يأتِ صدفة، بل هو ثمرة سنوات من الصبر والتجربة جعلت السوريين أكثر تمسكاً بحقهم في العيش بحرية وكرامة، وأكثر فهماً لأهمية التماسك الداخلي في مواجهة محاولات التشويش والإضعاف.
لقد أثبتت الحكومة خلال الفترة الماضية رغم ما يحيط بالبلاد من أزمات وضغوط خارجية، أنها تعمل بخطوات مدروسة لتأمين احتياجات المواطنين، وإيصال المساعدات إلى الأهالي في المناطق الأكثر تضرراً، وتحسين الخدمات في ميادين الصحة والتعليم والكهرباء هذه الجهود، وإن بدت للبعض بطيئة إلا أنها واقعية ومنسجمة مع الإمكانات المتاحة، وتعكس إرادة حقيقية في النهوض بالبلاد بعيداً عن الشعارات والمزايدات.
في المقابل تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية غير الشرعية على الأراضي السورية في خرق واضح للسيادة الوطنية والقانون الدولي. هذه الاعتداءات ليست سوى محاولة يائسة للتأثير في الموقف السوري الصامد وإرباك الداخل عبر إشاعة الفوضى وزرع الشك بين أبناء الوطن الواحد لكن وعي السوريين وإدراكهم لجوهر هذه المؤامرات جعلهم أكثر تمسكاً بخيارات دولتهم وأكثر رفضاً لأي تدخل خارجي في شؤونهم.
ومن المؤسف أن بعض الأصوات الهامشية تحاول استغلال أوضاع محلية في بعض المناطق، كما في السويداء لتمرير خطابات منحازة أو دعوات انفصالية لا تعبّر عن روح أبناء المحافظة الوطنيين، الذين كانوا دائماً جزءاً أصيلاً من النسيج السوري، فالتاريخ يشهد أن السويداء كانت وما زالت رمزاً للوحدة والانتماء، ولن تُختزل بمواقف قلة تتاجر بمعاناة الناس وتخدم أجندات خارجية.
إن الرهان اليوم على وعي المواطن السوري، وعلى إدراكه أن بعض الكتابات الجانبية أو التصريحات المستفزة ليست سوى محاولات لصرف الأنظار عن حقيقة، ما يجري من جهود حكومية متواصلة لإعادة بناء الدولة وتحسين حياة الناس. فالمعركة الحقيقية لم تعد عسكرية فقط، بل باتت معركة وعي وإدراك ومسؤولية وطنية في مواجهة خطاب التضليل والتفريق.
لقد أثبتت التجارب أن الشعوب الواعية هي القادرة على حماية استقرارها والدفاع عن مستقبلها والسوريون اليوم، بوعيهم وصبرهم يبرهنون أن الوطن لا يُصان إلا بالعقل الهادئ والعمل الصادق والثقة المتبادلة بين الشعب والدولة وهكذا، حين يتحدث الشارع بوعي، تسقط كل حملات التشويه.. ويبقى صوت الوطن هو الأعلى.