الفداء – سولاف زهرة
وصلَ عدد الأفراد الذين أُجبروا على الهجرة والنزوح بسبب الصّراعات والاضطهاد والانتهاكات إلى نحو 42.7 مليون شخصٍ حول العالم، وفقاً لبيانات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
فعلى سبيل المثال، سجّلت تركيا منذ عام 2011 أكثر من 14 ألف منشأة رسمية مملوكة لروّاد أعمالٍ سوريين.
ومع أن الطريق كان وعراً بفعل حواجز أبرزها اللغة والتمييز وهشاشة الوضع القانوني، إلا أن بعضهم حقق نجاحاً مميزاً.
وأشارت دراسةٌ أكاديميةٌ أوروبية حديثة إلى أن هناك عوامل تصنع الفارق بين التعثّر والنجاح، منها الشعور بالانتماء إلى البلد المضيف، وإتقان لغته، فضلاً عن توقيت الحصول على الحماية القانونية.
الهوية والاندماج
لفتت الدراسة إلى أن كثيرين يتّجهون إلى ريادة الأعمال بدافع الضرورة، نتيجة صعوبات التوظيف وعدم الاعتراف بالمؤهلات، لكن التحدي يكمن في تحويل هذا الاتجاه الاضطراري إلى نجاح مستدام.
وبيّنت أن نجاح المهاجرين في مشاريعهم الخاصة لا يعتمد على المهارة ورأس المال فحسب، بل على كيفية رؤية رائد الأعمال لنفسه داخل المجتمع المضيف.
كما أوضحت أن إجادة اللغة التركية رفعت بشكلٍ كبيرٍ من إحساس الاتصال بالأسواق والسياقات المحلية.
وعلى العكس، فإن التمييز السلبي – سواء من قبل المجتمع أو عبر الإجراءات الحكومية – يقوّض هذا الانتماء.
وأضافت أن الوضع القانوني يلعب دوراً حاسماً في نجاح المهاجرين؛ ففي تركيا يحصل السوريون على “حمايةٍ مؤقتة” تؤثر على قدرتهم في تأسيس الأعمال الرسمية، إذ إن منح هذه الحماية في وقتٍ مبكّر يقلّل من التأثيرات السلبية للتمييز ويعزّز الشعور بالأمن والاندماج.
وبيّنت الدراسة أن تأخير منح الحماية يخلّف ضرراً خفياً متراكماً على شعور الأفراد بالانتماء، حتى بعد تسوية أوضاعهم القانونية، وهو ما يمثّل مظهراً غير مرئي لعدم المساواة لا تلتقطه السياسات التقليدية.
النجاح المشترك
وأكدت الدراسة أن نجاح روّاد الأعمال المهجّرين يُعد مصلحةً عامة، فهم يخلقون وظائف، ويدفعون ضرائب، ويضيفون قيمة للاقتصاد المحلي.
ولهذا يسعى هؤلاء الأفراد للانتماء والمساهمة رغم فقدانهم كلّ شيء، ما يجعل رفع العوائق أمامهم واجباً أساسياً.