الفداء – زهراء كمون
شهدت محافظة حماة في 22 تشرين الثاني الحالي، انطلاق حملة “فداءً لحماة”، ضمن فعالية رسمية موسّعة حضرها الرئيس أحمد الشرع وعدد من الوزراء والمسؤولين، وشخصيات اجتماعية واقتصادية وفعاليات محلية، وحظيت منذ اللحظة الأولى بتغطية إعلامية واسعة نظراً لطبيعة أهدافها التنموية وارتباطها المباشر باحتياجات الأهالي وواقع البنى الخدمية في مختلف المناطق.
تسعى الحملة إلى دعم جهود إعادة تأهيل المرافق الأساسية عبر ستة محاور، تشمل القطاع الصحي، والتعليم، والمياه، والزراعة، والبنية التحتية والأوقاف، مع تأكيد القائمين عليها أن الأولوية ستتجه نحو الصحة والتعليم باعتبارهما المحرّك الأهم لاستقرار المجتمعات المحلية وعودة الأهالي.
وتعتمد هذه الأولويات على تقييمات ميدانية برزت من خلالها الحاجة العاجلة لإعادة تأهيل المؤسسات الصحية والمراكز التعليمية، لضمان تقديم خدمات مباشرة للأهالي.
سجّلت الحملة خلال ساعاتها الأولى تبرعات تجاوزت 210 ملايين دولار، قدمها رجال أعمال وهيئات ومؤسسات من داخل البلاد وخارجها، في واحدة من أكبر المبادرات على مستوى الجمهورية، ما يعكس رغبة واضحة لدى مختلف القطاعات في دعم حماة وتحسين خدماتها.
ويرى متابعون، أن حجم المشاركة الشعبية والمؤسساتية يعزز ثقة أكبر بقدرة المحافظة على إدارة المشاريع التنموية.
وبالنظر إلى حجم المشاريع المعلن عنها، يُتوقع وضع برامج تنفيذية وآليات متابعة لضمان توجيه التمويل وفق الأولويات، مع التفريق بين المشاريع ذات الأثر الفوري، وتلك التي تحتاج دراسات هندسية وتمويلاً أكبر على المدى المتوسط والبعيد.
لم تنتظر المحافظة طويلاً، إذ شهدت أول 48 ساعة بدء تنفيذ عدة مشاريع خدمية في مناطق مختلفة، ما عكس التزاماً رسمياً بتحويل التبرعات إلى خطوات عملية.
ففي بلدة عقيربات بالريف الشرقي، انطلق مشروع ترميم المركز الصحي، كما بدأ ترميم مدرسة في كفرزيتا بالريف الشمالي، وإعادة تأهيل محطة مياه في جب سليمان بالريف الغربي، إضافة إلى إطلاق مشروع ترميم المدرسة الريفية في بلدة عقرب بريف حماة الجنوبي.
وتولي الحملة اهتماماً خاصاً بالمناطق التي شهدت تضرراً كبيراً خلال السنوات الماضية، خصوصاً تلك التي تشهد عودة تدريجية للأهالي، حيث ترى الجهات القائمة أن تحسين الخدمات الأساسية، سيشجع المزيد من الأسر على العودة، مع توافر مقومات الحياة كالخدمات الصحية والمياه والتعليم.
وتبرز الحاجة في بعض المناطق، إلى إعادة تشغيل المرافق الحيوية بالتوازي مع عمليات الترميم لتخفيف الضغط على المراكز العاملة، وتوسيع نطاق الخدمة، وهو خيار يخضع للدراسة وفق الإمكانيات المتاحة.
وتأتي حملة “فداءً لحماة”، كخطوة موجّهة لإعادة إعمار مناطق تعرضت لدمار واسع، ما يجعلها تتجاوز المشاريع التقليدية نحو ترميم منشآت متضررة تشكّل شرطاً ضرورياً لعودة السكان، واستعادة الاستقرار الأولي.
ومن خلال هذا التوجه، تمثّل الحملة محاولة لإعادة الحياة إلى مساحات لا تزال تحمل آثار الحرب، مع وضع أسس أولية لإعادة تشغيل الخدمات الحيوية، واستعادة الوظيفة العمرانية والاجتماعية.
ورغم أن احتياجات المحافظة تتطلب خططاً أوسع، إلا أن الحملة تشكّل خطوة مهمة في ترسيخ ثقافة العمل المشترك، وتعبئة الموارد لخدمة المجتمع.
وتؤكد المؤشرات الأولية، وجود إرادة رسمية وشعبية للمضي في مشاريع إعمار فعلية تستجيب لاحتياجات الناس، ومع مستوى التفاعل الكبير، وانطلاق المشاريع الميدانية السريعة تبدو المحافظة مقبلة على مرحلة جديدة من العمل الخدمي المنظم.
ويمثل مشروع “فداءً لحماة”، بداية مسار يمكن أن يتسع خلال الأشهر المقبلة ليشمل مشاريع حيوية إضافية، بما يعزز دور المحافظة في التنمية، ويدعم استقرار الأهالي وعودتهم إلى مناطقهم.