مهرجان ربيع حماة 2025.. ولادةٌ جديدةٌ لمدينةٍ جُرحت ثم نهضت

أمين التحرير_ فراس اليحيى: 

 

منذ انطلاقة دورته السادسة والعشرين بدا مهرجان ربيع حماة 2025 وكأنه أكثر من مجرد فعالية ثقافية، أو سوق تجاري، بل بدا رمزاً لعودة الحياة إلى مدينةٍ عانت طويلاً من الحرب والتهميش الممنهج من قبل نظام بشّار البائد. حيث تم إطلاق شعار “ربيع يزهر ونصر يستمر” تعبيراً عن إرادة جماعية في إعادة البناء والانطلاق من جديد، وفتح نافذة أمل لأهل مدينة قد أنهكتها ويلات الحروب على عدة فترات زمنية.

وأكثر ما يميز مهرجان حماة تنوع برامجه وغناه، من حيث العروض الفنية، والتراثيةوالفولكلورية، وسوق الأشغال اليدوية، وفعاليات الأطفال.. هذا التنوّع يعكس محاولة جادة لربط الجيل الجديد بتراثه الثقافي من جهة، والانفتاح على أشكال معاصرة من الفنون، والأنشطة الاقتصادية من جهة أخرى، وهذا ما وثّقته كاميرات الصحفيين، والناشطين لأجواء المهرجان التي أصبحت ترينداً سوريّاً خلال شهر سيبتمبر.

وبمشاركة 225 شركةً تجاريةً في السوق الملحق بالمهرجان، أعطت للمهرجان بعداً اقتصادياً واضحاً، وأكدت أنَّ عودة النشاط التجاري ضرورة موازية لإحياء الحياة الاجتماعية.

ولا تخلو مواقع التواصل الاجتماعي والنقاد من الحديث عن المهرجان، ووصفه بمكياجاً يغطي جراحاً لم تلتئم بعد، وأنَّ الأحرى بهذه الفعاليات أن تكون أولوية لإعادة إعمار المنازل المتهدّمة والبنى التحتية في القرى، والأرياف التي دمرها النظام البائد، في حين لا يمكن إغفال أنَّ المهرجانات تشكل فرصة لإعادة بث الروح بين الشعوب، وكما يعتبر فرصة لتحفيز الاقتصاد المحلي من خلال ما تضخه من حركة سياحية وتجارية.. ومن هنا يمكن القول: إنَّ المهرجان لا يلغي أولوية الإعمار، بل يوازيه ويمهّد له.

أرى أنَّ مهرجان ربيع حماة هو اختبار لقدرة أهالي المدينة على النهوض من تحت الركام، وفرصة لتأكيد أنَّ الثقافة ليست ترفاً بل جزءاً أصيلاً من عملية التعافي وإعادة البناء.

مدينة حماة التي تحيي تراثها وتفتح مساحاتها العامة للفن والجمال، هي مدينة تمهّد الطريق لإعادة بناء أبنائها قبل حجارتها، وإذا تم العمل بالشكل الصحيح واستثمرت نتائج المهرجان سيتحول إلى منصة سنوية تعزز روح الانتماء، وتربط الأجيال الجديدة بتاريخ مدينتها، وتمنحها أملاً بمستقبل مختلف.

مهرجان حماة ليس مجرد احتفال سنوي، بل رسالة بأنَّ الحياة مستمرة بسواعد أبنائها، وأنَّ المدن التي قاومت الحرب 14 عاماً قادرة على النهوض متى ما آمنت بقدرة أبنائها على التغيير.

إنَّها ولادة جديدة لمدينة جُرحت، ثم نهضت، ولا شك أنَّ حماة تستحق هذا الربيع.

 

 

المزيد...
آخر الأخبار