رئيس التحرير: طلال قنطار
في أول يوم من العام الدراسي، عاد المشهد الذي يعيد الأمل إلى القلوب، مشهد التلاميذ المتجهين إلى مدارسهم في الصباح الباكر، بعيون تلمع بالفضول والفرح، وحقائبهم التي تحمل أحلامًا صغيرة، وكراسات جديدة، ومعهم المعلمون والمعلمات. أولئك الحاضرون دومًا، لا ليعلّموا فقط، بل ليزرعوا في النفوس قيمًا وسلوكًا وانتماء.
اليوم لم يكن يوم دراسة عادية، بل كان يوم لقاء إنساني تربوي بامتياز، حيث استقبل المعلمون طلابهم بابتسامة، ووجهوا لهم كلمات الإرشاد والمحبة، ورسائل الانضباط والاحترام والأمل.
وفي زحمة الفرح والضجيج الجميل، هناك تلاميذ آخرون يحملون في ذاكرتهم قصصًا لا تُروى بسهولة، سيجلس بعضهم ليكتب في أولى حصص التعبير عن مدارسهم التي لم تكن كما اعتادوا، بل عن جدران سقطت، وأبواب اقتُلعت، وصفوف تحوّلت إلى أنقاض. سيكتبون عن الدمار الذي خلّفه النظام البائد في أماكن كان يجب أن تكون منارات للعلم وبناء المستقبل، لا ساحات للخراب.
لكن رغم الألم، لا زال في دفاترهم متّسعٌ للأمل، وفي قلوبهم شوق لبناء مستقبل مختلف.
فالتعليم ليس مجرد مناهج، بل هو فعل مقاومة يومي ضد الجهل، وضد النسيان، وضد كل من حاول أن يطفئ نور هذا الوطن، الوطن الذي ينهض من تحت الركام بمداد الحروف، وبدفء الطباشير، وبهؤلاء الصغار الذين يمشون نحو المدرسة، حاملين في حقائبهم ما تبقّى من حلم… وما يمكن أن يصنع الغد.