لنعترف ـ والاعتراف كما تعلمون فضيلة ـ أن التعاون بين الإعلام والجهات المسؤولة في محافظتنا ، ليس شفافًا ولا نزيهًا ولا جيدًا ـ باستثناءات قليلة ـ إلا إذا كان تطبيلا وتزميرًا للمسؤول شخصيًّا ، فعندها تُفتحُ لك كإعلامي الأبوابُ على مصاريعها ، وتُدفقُ لك المعلومات والبيانات والخطط ونسب العمل والإنجاز في المشاريع كالسيل الهادر !.
وأما إذا كنت منحازًا للناس والوطن فقط ، وممن لا يُطبِّلون ولايُزمِّرون ، ولا يعنيهم تلميع صورة المسؤول كبيرًا كان أم صغيرًا ، فأنت خصيمٌ للتطوير ، ومعرقل للعمل ، وضد الإنجازات – حتى لو كانت وهمية ! – إلى آخر هذه التهم الجاهزة التي تستحق عليها المساءلة والعقاب بحسب قانون الغاب !.
ورغم توجيهات سابقة من أعلى المستويات بالدولة ، تُحجب عنك المعلومات ، وتمنع البيانات والأرقام ، وتُعتَّم الاجتماعات وتخفى محاضر الجلسات ، ولكن لا يعرف أولئك المانعون والحاجبون والمعتِّمون أن حجبهم ومنعهم وتعتيمهم هراء ، وأنك تستطيع الحصول على ما يخفونه من مصدر آخر وطريق آخر وطرحه موثقًا للناس !.
ما دعانا إلى هذه المقدمة الطويلة نسبيًا ، هو تعميم وزارة الإدارة المحلية رقم 848 / ص / م ج تاريخ 5 – 7 – 2023 ،الذي يؤكد على المحافظين ، التعاطي الإيجابي مع كل وسائل الإعلام المرخصة أصولاً ، وتزويدها بما يلزم من معلومات لتمكينها من القيام بالدور المنوط لها، تكريساً لمبدأ الشفافية في نشر المعلومات كحق للمواطنين ، وذلك في إطار حسن تطبيق قانون الإدارة المحلية 107 ، وتنفيذاً لمبدأ الرقابة الشعبية التي نص عليها ، ولا سيما البند 5 من المادة 120 المتضمن حق وسائل الإعلام بأنواعها المختلفة ، الرقابة على عمل الوحدات الإدارية وفق القوانين والأنظمة النافذة.
هذا التعميم الذي انبثق عنه كتاب محافظ حماة رقم 3600 / 5 تاريخ 17 – 7 – 2023 ، الموجه إلى رؤساء مجالس المدن والبلدان والبلديات ومديري الدوائر والشركات والمؤسسات والمعامل والهيئات والمصارف والمحالج للتقيد بمضمونه .
ورغم أن مضمونه ليس جديدًا ، فكل الجهات المسؤولة والمعنية بالمحافظة ، لديها تعاميم من جهات أعلى بالانفتاح على الإعلام الوطني ـ كما قلنا ـ ولكنها لم ولا تتقيد بها ، إلَّا فيما ندر ، بحجة أن لديها توجيهات من إداراتها العامة والوزارات التابعة لها ، بعدم التعاطي مع الإعلام إلا عن طريق المكاتب الصحفية ، أو بعد أن يحصل الإعلامي لها على موافقة من رؤسائها الأعلى !!!.
بكل الأحوال ، سننظر لهذا التعميم من حيث نصفه الملآن لا الفارغ ، آملين ألًّا يكون كسابقيه ، ونقول : لم يعد لأي مسؤول بالمحافظة مهما تكن درجته ، أي عذر أو حجة لعدم التقيد بمضمونه !.
محمد أحمد خبازي