لم يعد بمقدورنا كمواطنين محدودي الدخل ، في هذه الأيام ” الجميلة” شراء زيت الزيتون بالكيلو أو بالليتر ، لاستخدامه عند الضرورة القصوى فقط ، في الطعام الذي لايمكن استخدام أي نوع آخر من زيوت القلي فيه !.
فقد هبت أسعاره مؤخراً هبوبًا مريعًا جعل شراءه مستحيلًا ، أو بتعبير آخر ملطف قليلًا ، جعل شراءه صعبًا للغاية على الموظف الذي يعيش براتبه !.
لذلك صرنا نشتريه عند الحاجة الماسة والشديدة ، بنصف الأوقية أو بربعها ، فالكيلو بلغ سقف الـ 50 ألف ليرة ، وفي أغلب المحال إن وجد ، يباع بنحو 55 ألف ليرة !.
وبالطبع بحسب النوع والمواصفات القياسية ، فالجيد سعره عال ، والأقل جودة سعره 50 ألف ليرة ، يعني ما نسبته 48 بالمئة من الراتب الشهري للأغلبية العظمى من العاملين بالدولة .
ويؤكد الباعة أن الطلب عليه قليل ، ولكنه لم ينقطع نهائيًا ، فثمَّة من يشتريه بـ ” الكاسة” ، لطهو الطبخة التي لا يمكن طهوها بالزيوت البديلة .
وتعزو الجهات الرسمية هذا الغلاء المريع الذي طال زيت الزيتون ، إلى المتغيرات العالمية الطارئة ، والمستجدات الاقتصادية الدولية ، وارتفاع أسعاره بالدول المنتجة ، وتتناسى أو تُغفل عن قصد أو بدونه ، أن السماح بتصدير نحو 45 ألف طن من إنتاجنا المحلي ، وتهريب الباقي هو ما أدى لفقدانه من أسواقنا المحلية ، وارتفاع أسعاره إلى سقف غير مسبوق ، ومن ثم حرمان المواطن منه !.
فبتاريخ 6 – 12 – 2022 أصدرت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية القرار رقم 1098 القاضي بالسماح بتصدير نحو 45 ألف طن من زيت الزيتون حتى نهاية عام 2023 وبعبوات بحجم 16 كيلو كحد أعلى .
وبررت فعلتها هذه آنذاك بأن الإنتاج بالعام 2022 نحو 70 ألف طن ، وأن انخفاض القدرة الشرائية للمواطن جعلته يشتري كميات قليلة ، وقد كان الكيلو بنحو 22 ألف ليرة فقط !.
وبالطبع لو كان المستفيد الرئيسي من هذا التصدير ” الفلاح المنتج ” ، لباركنا كصحافة هذا السماح بالتصدير ، من كل قلبنا ولصفقنا له طويلًا وكثيرًا ، بل ولدبَّجنا فيه معلقات ، ولكن مادام الفلاح هو الخاسر الأول ، والمواطن هو الضحية لمثل هذه القرارات ، فلا يمكننا مباركته ولا حتى قبوله ، إذ أن التصدير يكون عادة من الفائض عن حاجة الناس واستهلاكهم ، لا من لقمتهم التي تسد الرمق !.
محمد أحمد خبازي